ثقافة أمير
صدق المتنبي عندما قال:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
فالعزم والهمة وقوة الشكيمة لا تؤتى الكثير من الرجال، ومن هؤلاء الرجال الذين انتزعوها بأعلى الهمم الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز، وقبل الخوض في بحر هذا الرجل النبيل لا بد أن أشهد الله ثم الناس بأن ما سطره قلمي ليس إلا نقلاً للواقع كما هو بل وفاتني الكثير في تدوينه، وللأسف الشديد بأن مرتزقة الناس أساؤوا لشيء اسمه فن المدح فأصبح المادح في مجتمعنا يُتهم بأشياء لا تليق لا بالمادح ولا بالممدوح لذلك أحجم أكثر المحبين عن مدح من يحبونه، ولكنني في هذا المقام دفعني ما رأيت من ذلك الأمير الشهم صاحب الهمم العالية والمبادرات النادرة والوطنية الصادقة ذلك الأمير الذي يخجل الجميع بتواضعه الجم وبحسن إنصاته للجميع، ومحبته بأن يشارك الآخرون بآرائهم دون مقاطعة..
أمير مثقف ثقافة عالية في فنون الحياة المختلفة... أمير يعشق الوطن حتى النخاعة، ويعمل لأجل وطنه بصمت ودون ضجيج الإعلام وهذا ما دفعنا للكتابة عنه (بدون علمه) لأن المحسن في هذا الوطن يجب أن يُقال له أحسنت..
الأمير تركي يعشق التاريخ والأدب وكان له رحلة تم نشر تفاصيلها في بعض وسائل الإعلام عن (غار الإمام تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية) وتدوينه لهذه الرحلة ليس وصفاً نقلياً بقدر ما هو وصف أدبي راقٍ ينم من موهبة النقل الوصفي..
الأمير تركي بعد وقوع كارثة العبارة المصرية سلام 98 تابع المأساة وطلب لقاء مع الناجين وأسر الضحايا وتم الالتقاء معهم مباشرة بعد الحادث ثم وجه بالتواصل معهم بشكل أكبر وذلك لمعرفة ما حصل لهم من معاناة وأيضاً عمل زيارات ميدانية لهم في الأماكن التي يسكنونها في جميع مناطق المملكة وتمت تلك الزيارات ووثقت حياتهم ومعاناتهم، ثم طلب الاجتماع بهم وذلك لمساعدتهم بعد دخول مكاتب محاماة للدفاع عن حقوقهم لاستغلالهم وكلف محامياً من طرفه بدون مقابل وتكفل بتحمل النفقات اللازمة للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم كما تكفل بأتعاب المحامين الأجانب وسداد الرسوم القضائية عنهم وتابع القضية بنفسه حتى تم تسليمهم جميع حقوقهم..
فمن يعرف هذا الجانب عن الأمير الشهم، وعن تلك الوطنية الصادقة؟
وصدق المتنبي مرة أخرى عندما قال:
من يفعل الخير لا يعدم جوائزه
لا يذهب العرف بين الله والناس
الأمير تركي تابع الكثير من الأسر المحتاجة ومدَّ يد العون لهم من أبسط الأشياء حتى بناء المساكن..
الأمير تركي أقام اللقاءات الثقافية والندوات الرمضانية من أكثر من خمسة عشر عاماً دُعي لها كبار المفكرين والعلماء والمشايخ ولم يعمل لها ضجيج إعلامي وهي تستحق..
الأمير تركي يعمل للوطن بصمت، لا يدع مناسبة وطنية تفوت دون أن يكون له مساهمة قوية تستحق الوقوف كان آخرها تكريم منتخب المملكة لذوي الاحتياجات الخاصة والحاصل على كأس العالم.
الأمير تركي شاعر وله العديد من القصائد المشهورة منها القصائد الوطنية (مرفوعة الرأس) و(شامخون) و(ما هنت يا أمي) وفي المجال الرياضي قصائده المغناة المشهورة (لاجا وقت الجد) و(وما أظنك ناسيه) و(عشت يا بلادي) والقصيدة الإنسانية (يا أبوي).. الأمير دائماً يردد بيت المتنبي:
يهون علينا أن تصاب جسومنا
وتسلم أعراض لنا وعقول
بعد هذا أَلا يستحق الرجل أن يكتب عنه الشيء اليسير..
أخيراً بقي دعوة لأصحاب القلم بأن يكتبوا عن النبلاء أمثال الأمير تركي بن طلال لنحث أصحاب الهمم على الحذو حذوهم ولتكن لهم بمثابة الشكر والعرفان على ما يقدمونه لهذا البلد الأمين..