| |
منيرة بنت هندي.. نجاحات في الشخصية والأداء من الكرسي المتحرك إلى مجلس الشورى د. علي بن شويل القرني(*)
|
|
المرأة في كثيرٍ من المجتمعات الإنسانية تعاني مشكلة استنهاض حقوقها المشروعة عرفاً ومجتمعاً وقانوناً.. ومع هذه الشريحة تعاني فئة أخرى في كثيرٍ من المجتمعات وهي شريحة المعوقين.. وتتضاعف المسألة عندما يكون هذا الإنسان امرأة ومعوقاً في الوقت نفسه.. ولكن التجارب التي تعكس هذا التصور تشير إلى أن بعض هؤلاء المعوقات قد سجلن نجاحات كبيرة ليس بمقاييس المعوقين، ولكن نجاحات كبيرة بمقياس الإنسان العادي.. وتجربة أخت شقيقة لنا من مملكة البحرين هي نموذج يجب ألا يمر دون وقفة تأمل، ولحظة تمعن تستوجب علينا أن نقدر مثل هذه الشخصيات.. إنني أتحدث عن الأخت منيرة بنت عيسى بن هندي.. ومَن منا لا يعرفها، وهي وجه مشرق في مملكة البحرين، وهي صوت اجتماعي ناضج، وهي من حضرت في كل دول الخليج، وشاركت في كثيرٍ من فعاليات المنطقة.. وقد التقيتها أكثر من مرة في مؤتمرات علمية، ومهرجانات متخصصة.. وهي إنسانة غير عادية.. فهي تتجول بكرسيها المتحرك في كل مكان.. وقد مثلت البحرين، بل المجتمع الخليجي أفضل تمثيل بقدرتها على التخاطب والحوار والنقاش.. وقد سعدت كثيراً عندما قرأت في صحف الأربعاء الماضي أن ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أصدر أمراً بتعيينها عضواً بمجلس الشورى البحريني الجديد.. فنعم الاختيار.. وهي أهلٌ لمثل هذا التقدير الاجتماعي والسياسي في دولة شقيقة مثل البحرين.. من هي منيرة بنت هندي؟ ولدت في المحرق وأُصيبت في سنتيها الأوليين بالحمى الشوكية التي أقعدتها على كرسي متحرك، وأصبح هو قطارها الذي تسير عليه، وهو العربة التي تقلها إلى كل مكان، وأصبح هو عالمها.. وتضيف في حديث إلى صحيفة الوطن البحرينية أن هذا الكرسي المتحرك (اقلني لمواقع كثيرة وكانت عجلاته الصبر والإيمان والإرادة والرضا بقضاء الله وقدره حيث هي الزاد والراحلة والمدرسة والجامعة التي لم أتلقَ فيها أبجديات اللغة، ومنذ البداية اعتبرت نفسي فتاة رضعت القناعة والإيمان من (أم) آمنت بقدراتي فكانت لها رؤية ثاقبة جهلها كثيرون في تلك الفترة، لذا لم تمانع والدتي وأسرتي على الرغم من إعاقتي الجسدية أن أخوض غمار الحياة بكل قوة وصلابة وبدرع مفاده أن الإنسان مهما كانت ظروفه الجسدية لديه قدرة على العمل والعطاء، ومن هذا المنطلق بدأت أتعايش بهذه الرؤية لكونها منهجاً وسلوكاً في أسرتنا، ولم أشعر في جميع محطات الطفولة.. بأشياء تنقصني فقد ضحكت وبكيت وعشت شقاوة الطفولة كلها من دون معوقات وذكريات نفسية أليمة.. فتعايشت مع وضعي الإنساني وتعاطفت معه..). منيرة بنت هندي هي إحدى من صنع وجدان الوطن البحريني والخليجي، عرضت عليها المناصب الإدارية فأعطت بلا حدود، وأبدعت في كل المواقع التي شغلتها وهي الآن نائب رئيس المنظمة العربية للمعوقين، ومشرفة وحدة الخدمات التأهيلية بوزارة التنمية الاجتماعية، وعضو مجلس أمناء المؤسسة الوطنية لخدمات المعوقين، ومدير عام حضانة براعم الحراك وروضة أزهار الحراك، ورئيسة المركز البحريني للحراك الدولي.. وأخيراً وليس آخراً هي الآن عضو بمجلس الشورى البحريني، وقد ذكر لها سمو الشيخ الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البحرين السابق (يا ابنتي، النفط ينضب، والمال ينفد، ولكن خير ما أفتخر به أنتم، أنتم الثروة الحقيقية للوطن) حيث شكل لها هذا الدعم حافزاً معنوياً كبيراً ودفعها إلى مزيدٍ من العطاء.. والمملكة العربية السعودية قيادةً ومؤسساتٍ وأفراداً تهتم كثيراً بذوي الاحتياجات الخاصة، وقد مدتهم بكل ما يحتاجونه من دعم سياسي من خلال التنظيمات الأساسية للمعوقين، ومن خلال الدعم المادي السخي.. كما أنشأت كثيراً من المؤسسات الاجتماعية والتربوية التي تساعد هذه الفئة الغالية من أبناء بلادنا وبناته.. كما أن المجتمع السعودي بما جبل عليه من حب الخير والإيثار ودعم الأعمال الخيرية لا يزال يدفع من ماله وجهده ووقته في مساندة هذه الفئات المجتمعية. وما نشاهده في مملكة البحرين أو في دولة الإمارات العربية المتحدة أو الكويت أو عُمان أو قطر من اهتمام رسمي وشعبي بذوي الاحتياجات الخاصة هو انعكاس واضح لاهتمام المجتمع الخليجي دولاً ومؤسساتٍ وأفراداً بفئات أبنائنا وبناتنا من المعوقين.. كما أن وصول شخصيات من هذه الفئات على سدة المسؤولية التنفيذية أو التشريعية مثل ما حصل مع الأخت منيرة بنت هندي وغيرها كثير هو مصدر اطمئنان على اهتمام رسمي كبير بشخصيات المعوقين في بلادنا.. كما أن التقدير الذي حصل عليه فريق ذوي الاحتياجات الخاصة السعودي بفوزه بكأس العالم في كرة القدم هو تتويج لهذا الاهتمام الرسمي في المملكة العربية السعودية.
(*)رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال - أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa |
|
|
| |
|