| |
جداول ( الطموح والفأر الثاني!) حمد بن عبد الله القاضي(*)
|
|
-1- ** العاقل هو من يمدّ رجله على قدّ لحافه - كما يقول المثل -. وهذا صحيح جداً في جميع مناحي الحياة. فمن يمدّ رجله أكثر من لحافه يعرض رجله للبرد أو البتر أو أي شيء من عوادي الزمن أو تقلبات الجو. من يتجاوز حدوده أو من تحتشد في ذاته طموحات هي أكبر من إمكاناته فإن التوقف عند (المربّع الأول) في حياته هو مصيره، أو يكون (مربع الفشل) هو مقبرة طموحاته. من يستطيع أن يوازن بين طموحاته وقدراته فإنه يضع نفسه وطموحه وآماله في المكان الذي هو أهل له.. وهو الإنسان الذي يحقق النجاح في هذه الحياة! من هنا نجد (رجال الصف الثاني) في مواقع الحياة هم المستقرّين، وهم الذين يظفرون بالثمار والنجاحات المستمرة! روى أ. محمد أبو بكر الزميل السابق في مجلس الشورى مقولة منطقية عن امرأة أمريكية حكيمة لخّصت فيها تجربة حياتية متناهية الواقعية، والمرأة هي السيدة (ستراتون) زوجة مدير الجامعة التي كان يدرس فيها أ. بكر، وتقول في مقولتها الصادقة: (لا تنسَ أن من يأكل الجبنة عادةً هو الفأر الثاني وليس الأول الذي كان في المقدمة). وسألتها - يقول الصديق - عن معنى هذا الكلمة التي لم أقتنع بها في البداية، ولكني أمّنت عليها بعد سماع توضيحها، حيث قالت هذه السيدة الحكيمة شارحةً معنى وأبعاد هذه العبارة: (الفأر الذي في المقدمة عادةً ما يذهب ضحية لاجتهاده؛ إذ تمسك به المصيدة، وتبقى قطعة الجبن للفأر الثاني خلفه كي يستمتع بها؛ لذا ليس عيباً أن تكون في مكان الفأر الثاني!!). أجدني أتفق مع هذه السيدة التي عركتها الحياة ومع الصديق العزيز الذي أيّدها! لا مانع لديّ - شخصياً - بعد قناعتي بهذه الحكمة الواقعية أن أكون (الفأر الثاني) إذا ما كنت سوف أحقق النجاح وأظفر بالطموح الذي قد لا يكون هو ذا السقف الأعلى، ولكنه ذو السقف الأثبت! لندع (الفأر الأول) للباحثين وللقافزين في الهواء.. أولئك الذين يبنون طموحاتهم وأحلامهم على جسور عنكبوتية سرعان ما تنقطع بهم، وإن لم تنقطع بهم خلال انطلاقهم فإنها سرعان ما تنهار بهم قبل أن يصلوا إلى قمة الجبل..! -2- ** من د. الخويطر إلى الأبناء والبنات..!! ** ** روى معالي الأديب د. عبد العزيز الخويطر في الجزء الثالث من كتاب مذكراته التوثيقي الشائق: (وسم على أديم الزمن.. لمحات وذكريات)، روى في هذا الجزء قصة بالغة التأثير عن عطف وحنان ورحمة الآباء بالأبناء.. يقول د. الخويطر: (كان والدي في يوم من الأيام في شدة الصيف يقف في الشمس مع العمال يشرف عليهم، فلفت جدي نظره للضرر الذي قد يأتي من ذلك وناداه ليقف في الظل.. فوعده بأن يفعل، ولكنه استمر يقف في الشمس.. وتكرّر الأمر وتكرّر الوعد بالاستجابة، إلا أن والدي بقي واقفاً في الشمس، فأخذني جدي ووضعني في الشمس، ولفت نظر والدي ذلك.. وكأنه يقول له: اعرف شعوري نحوك بما تشعر به نحو ابنك، فسارع والدي وعاد إلى الظل استجابةً لأمر والده). ** لا أجدني بحاجة إلى مزيد تعليق على هذه الحادثة المؤثرة..! لكن أهديها إلى كل ابن وبنت لا يزال آباؤهم وأمهاتهم على قيد الحياة..! إنهما الأب والأم (وهذان في الدنيا هم الرحماء) كما يقول شوقي. -3- ** عتمة الحياة والشمعة المتوفرة..!! ** ** كم تكون بعض الرسائل (الجوالية) مؤثرة وصادقة وبسيطة. من أوفر الرسائل صدقاً التي تلقّيتها من صديق عزيز ذي نظرة معمَّقة للحياة.. هذه الرسالة التي تفيض أملاً وتفاؤلاً بأسلوب بسيط وواقعي: (قد تُظلم علينا الدنيا في أي لحظة، وقد تضيق علينا بقدر ما اتسعت، وقد تموت السعادة في أحضان خبر مؤلم، وقد نفشل حتى نيأس وتموت أمانينا، لكن تبقى هناك شموع نجدها عند (أبو ريالين) هي رخيصة لكنها تنِّور علينا الدنيا وتضيؤها..!!).ولقد صدق..!
فاكس: 014766464
* Hamad.ALkadi@hotmail.com |
|
|
| |
|