من المكتبة الإسلامية:
ماذا يريد الغرب من القرآن؟

* الرياض - الجزيرة:
صدر حديثاً للدكتور عبدالراضي محمد عبدالمحسن كتاب: (ماذا يريد الغرب من القرآن) وهو محاولة للوقوف على التصور الغربي عن القرآن الكريم من جهة المنهج الذي تناول به الغرب القرآن الكريم ومن جهة موقف الغرب من القرآن الكريم.
وتأتي هذه المحاولة للتأكيد على أهمية الاتجاه الطموح الرامي إلى سد الثغرة والفجوة الكبيرة في مكتبتنا العربية في مجال بحوث (علم الاستغراب) الذي أضحت الحاجة إليه ملحة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر على وجه الخصوص.
كما تأتي هذه المحاولة للإسهام في تدعيم رؤى وأفكار وطروحات المهتمين بحمل رسالة الإسلام الحضارية والثقافية إلى الغرب، والقائمين على فعاليات الحوار معه على اختلاف المشارب والغايات، وذلك حتى يكونوا على بينة من المواقف الحقيقية التي يصدر عنها المحاورون الغربيون، وكذلك المرجعيات الفكرية والجدلية التي تحكم تلك المواقف وتشكلها، مع إمدادهم بالشواهد العقلية والبراهين العلمية والحقائق التاريخية التي تمكنهم من تصحيح المفاهيم المغلوطة التي روجها الغرب حول القرآن وما زالت تلوكها الألسن والأقلام الغربية عبر وسائل الإعلام حتى اليوم.
وتأتي هذه المحاولة كذلك تلبية للاحتياجات الثقافية والمعرفية لإنسان عصر العولمة والسماوات المفتوحة، وذلك المستهدف بتذويب الهويات، وتجاوز المسلَّمات، وإفناء الخصوصيات الحضارية التي جمعت أبناء الأمة الواحدة وشكَّلت نسيج لُحمتها ودعائم بنيانها، وذلك من خلال السعي الدؤوب إلى تنمية الوعي الفكري والثقافي لديه بتكوين رؤية نقدية للفكر الغربي حول القرآن، بما يتمكن معه المسلم المعاصر من الفكاك من أسر الأطروحات التي قدمها الغرب خلال مراحل ارتقائه التاريخي حتى يومنا هذا.
وقد جاءت تلك المحاولة في فصلين، خُصّ كل واحد منهما ببيان الموقف الغربي من خلال محور من محاور عنايته بالقرآن الكريم منذ بدء الاهتمام الغربي بالقرآن العظيم حتى اللحظة التاريخية الراهنة، وهما:
1- المحور الأول: ترجمة القرآن الكريم، وخُصص له الفصل الأول (الغرب وترجمة القرآن الكريم) وفيه تناول المؤلف تاريخ الترجمات الغربية لمعاني القرآن الكريم وكذلك دوافع الترجمة وطرائق المترجمين وتتبع الأخطاء التي وقعوا فيها.
2- المحور الثاني: البحوث والدراسات الغربية حول القرآن الكريم، وأُفرد له الفصل الثاني (الغرب والدراسات القرآنية) وفيه تتبع المؤلف تاريخ الدراسات الغربية حول القرآن ودوافعهم إلى دراسته ومنهجهم في تناوله وآرائهم التي بثوها من خلال الترجمات مع تصحيح الخاطئ من تلك الآراء.
ولمَّا كان الإلمام بجميع مفردات البحوث والدراسات الغربية كلها غير ممكن، فقد عمد المؤلف إلى تتبع معطيات أبرز الدراسات والبحوث الغربية التي تمثل العلامات الفارقة والمحركات الرئيسية والموجهات المؤثرة في كل محور من محاور عناية الغرب بالقرآن الكريم عبر قرون المعرفة الغربية بالقرآن وتاريخ الانشغال به، والمشكّلة في الآن نفسه لهيكل وجوهر تلك العناية.
وقد اتبع في هذه الدراسة النهج التاريخي المقارن، والتزم فيه الموضوعية في التناول وفي الحكم، حتى يمكن تجنّب الوقوع فيما تردّى فيه الغربيون في بحوثهم عن الإسلام والمسلمين؛ من تجافٍ عن المنهجية العلمية واتباع لسطوة الرغبة في إصدار الأحكام المسبقة والصكوك الموروثة، لكن لما كانت المنهجية العلمية تقتضي تصحيح الأخطاء والأوهام المعرفية الناشئة عن النقص المعرفي، أو الهوى المفضي إلى مفارقة الموضوعية في التناول والإنصاف في الأحكام، فلم يكن بُدٌّ من اللجوء إلى النهج النقدي إلى جانب التاريخي والمقارن؛ استهدافاً لبيان الحقائق العلمية والتاريخية؛ والتنبيه على المسالك والآراء التي خالفتهما؛ وليس طلباً للسجال والجدال فذلك بعيد عن غرض الكتاب وطموحه والمأمول منه.