| |
التطرف ينال من سماحة الإسلام ويضعف من تأثير الدعوة 4-6 حمد عبدالرحمن المانع
|
|
3- عمق المعنى وبلاغة الدلالة: يشكل العمق في الأدلة محوراً رئيساً، مما يعزز في بلوغ المعنى وتجسيد الوصف، لتؤدي الثقة دورها في تنمية التفاعل الحسي، في إطار الإبهار سواء كان من حيث الترابط الفريد أو من خلال الاحتياج الفعلي للمحاكات المتزنة مع ما يقره العقل ويطمئن له القلب. وهذا الإعجاز في كلام المولى عز وجل الذي ليس كمثله شيء ولا لكلامه جل وعلا، قال عزَّ من قائل مخاطباً نبيه: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}. وفي نطاق طلبات النفس وإشباعها بالإيمان المتدفق ليضخ السكينة في القلوب، فإن المعايير المتسقة مع رغبة النفس بهذا الصدد، تكمن في القيم النبيلة التي يزخر بها ديننا الحنيف، بدءاً من العدل والمساواة، ووصولاً للمثل العليا التي تحتوي الرحمة، والرأفة، والود، والعطف، وغير ذلك كثير، فأداء الواجبات لم تستثن طرفاً دون آخر ولم تفضل طرفاً دون آخر، كما هي الحقوق المترتبة في سياق بديع مؤثر لا يملك المرء إزاءه إلا أن يبتهل لخالقه بالشكر والفضل والثناء الحسن. والتأدب مع الخالق سبحانه يوجب كذلك التأدب في مجال الدعوة إليه. والأنبياء - عليهم السلام - كانوا في غاية الأدب في علاقتهم مع خالقهم، ورد في الذكر الحكيم: {هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً، وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً، إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً}. لكم يترك التأمل في هذا الأدب الجم عناوين مؤثرة ومبهرة، فأرفق عليه السلام الطلب بجلال ورفعة السبب، كما هو دأب رسل ربي عليهم صلوات الله وسلامه في مواقف متعددة. وهذا خير دليل على أن هذا الدين العظيم إنما جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويدحض الافتراءات التي تربط جهلاً القسوة والعنف لمحتوى الرسالة الخالدة رسالة الرحمة، بل إن المولى عز وجل حذر من الاعتداء بكل صيغه وأشكاله، وأمرنا بالعدل، والقسط على الجميع حتى مع غير المسلمين، وما تلك المآثر العميقة في دلالاتها المعرفية إلا مؤشراً لسلامة القصد، وحسن الظن في بلوغ المقاصد ابتغاء مرضاة الله وتجنب غضبه. وحينما يتم تفعيل التكامل في إدراك المسؤولية، في هذا الاتجاه فإن هذا يحتم على المبلغ نقلها بحكمة ودقة، وبالتالي فإن العلاقة بين العبد وخالقه، سيحدد أطرها بلاغة الاستقاء المتقن، ومن ثم فإن المجال الرقابي سينحصر في التوجيه والنصح، كالتعامل مع الأطفال ليكون استشعار المسؤولية هو المقياس، وجسر العبور نحو تأصيل هذه المعاني القيمة ليتناقلها الأجيال، إضاءات تنير الطريق لكل أواب يخشى الرحمن. ومن نافل القول إن التواضع يعد أحمد السمات البارزة لتيسير سبل الدعوة وعمق تأثيرها، وقد ورد في الحديث الشريف (لا يدخل الجنة من في قلبه ذرة من كبر)، فالتواضع من أجمل الصفات وأجلها، ومن تواضع لله رفعه.
|
|
|
| |
|