| |
من المحرر حقوق المشاة المهدرة!! عمرو بن عبد العزيز الماضي
|
|
ما زلت أذكر الحادث المروع للطفل الذي لم يتجاوز من العمر السنة السادسة، عندما حاول عبور الطريق للحاق بعدد من الأطفال في الجانب الآخر من الطريق، فقد مات نتيجة لارتطامه بسيارة كانت تعبر خط المشاة!! هذا المشهد الذي حدث لذلك الطفل قد يتكرر في الكثير من شوارعنا، فالمشاة تختلف أعمارهم، وشرائحهم، ومستوياتهم العقلية والفكرية، ففيهم الصغير الذي لا يعرف قواعد عبور الشارع وأماكن العبور -غير المتوفرة أصلاً في الكثير من الطرق والشوارع-، وفيهم كبير السن الذي لا يستطيع العبور جرياً أو مهرولاً، كما يفعل الكثير من المشاة في كل مرة يعبرون فيها الطريق في صراع غير متكافئ مع المركبات، وفيهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحتاجون إلى منزلقات خاصة لعرباتهم، لا تتوفر في الكثير من الشوارع والطرق، مما جعل عبورهم للطريق نادراً أو مستحيلاً! فالكثير ممن يسيرون في الشارع أو الطريق لا يعرفون أن المشاة أصحاب حق، وأولوية في عبور الطريق، فجميع الأنظمة في العالم تجرم كل من يعتدي على حقوق عابر الطريق، وتوقع أشد العقوبات على كل من لا يمكنهم من عبور الطريق بسلام وأمان، أو حتى يصيبهم بأذى عند عبورهم من الأماكن المخصصة لذلك، أما لدينا فأغلب الإشارات الضوئية الخاصة بالمشاة لا تعمل في أغلب الشوارع والكثير منها معطل رغم أن لها عقود صيانة بالملايين، ولا توجد الخطوط الخاصة بالمشاة في كل الشوارع، وإن وجدت فإنها توضع قبل الإشارة وليس بعدها مما يدفع بالكثير من قائدي السيارات الوقوف عليها، وفي حالة اكتمال توفر أماكن العبور، وخطوط المشاة ومنزلقات عربات ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن العقوبات يمكن أن توقع أيضاً على المشاة في حالة عبور الشارع من غير الأماكن المحددة لذلك. فقد أصبح عبور أي شارع أو طريق شارع مغامرة قلما تخلو من حادث، فالكثير دفع حياته بسبب عبوره الطريق نتيجة لعدم فهم منه للأماكن المخصصة للعبور، أو بسبب عدم وجود الإشارات اللازمة لذلك، ونتيجة لعدم احترام الكثير من قائدي السيارات لحق المشاة في العبور فترى السائق يزيد من سرعته بمجرد مشاهدته لعابر طريق لاخافته، فالكثير من قائدي السيارات ينسى وهو يقود سيارة على الطريق أن يضع في اعتباره أن هناك مشاة لهم الحق في العبور قد يكون هو أحدهم يوماً عندما يترجل من سيارته ويسير في الطريق، والمرور مطالب أكثر من أي وقت مضى أن يكون أكثر حزماً في احترام حق المشارة في العبور بسلام، وعدم اعتبار خط المشاة إحدى كماليات الشارع التي لا تستخدم! لقد شاهدنا اجتهادات غير مستمرة بين فترة وأخرى من قبل المرور في إلزام أصحاب السيارات باحترام أماكن عبور المشاة في الشوارع، إلا أنها غير منتظمة كما هو الحال مع حزام الأمان الذي كاد أن يصبح منظراً مألوفاً ومستمراً من الجميع، إلا أن الكثيرين بدؤوا يتخلون عن استخدامه تدريجياً بسبب عدم وجود المتابعة والعقوبات الصارمة، فالحزم الذي صاحب حزام الأمان من البداية وعدم التساهل في هذا الأمر كاد أن يولد سلوكاً دائماً في استخدامه كعادة يومية، مما يوجد ثقافة مرورية باستخدام الحزام حتى للأطفال الذين ما زلنا للأسف نشاهدهم يستخدمون المقاعد الأمامية وقوفاً بجوار السائق، مما يعرضهم للخطر عند التوقف المفاجئ، ورغم أن رجل المرور قد يشاهد هذا المنظر فإنه لا يبادر بمخالفة السائق، مما جعل هذا المشهد اعتيادياً وغير مستغرب من الكثير حتى لرجل المرور! إن الحزم سيفرز ثقافة احترام حق المشاة، فانعدام ثقافة عبور الشارع لدى المشاة يعرضهم للخطر، فتجد الكثير منهم يتجاهل وجود كوبري المشاة الذي لا يبعد عنه إلا بضع أمتار، أو يعبر من منتصف الشارع، مما قد يعرضه للخطر والدهس، مما يستلزم إيجاد خطة توعوية شاملة للسائقين والمشاة وإيقاع العقوبات في حق المخالفين، ولا بد من توفر أماكن لعبور المشاة، وإشارات خاصة بهم تتزامن مع حملة إعلامية توعوية لكل الفئات، من خلال وسائل الإعلام، والمدارس، والمساجد، وأماكن العمل، والأندية والملاعب الرياضية، والمناسبات الثقافية، فعدم الاهتمام بحقوق المشاة في الكثير من الطرق والشوارع، يتطلب من الأجهزة الحكومية المعنية كأمانات المدن، ووزارة النقل، وإدارات المرور، ووزارة التربية والتعليم، جهوداً أكبر في السعي لتوفير بيئة آمنة لعبور المشاة، تتضمن تخصيص أماكن للعبور ومنزلقات لذوي الاحتياجات الخاصة، ومن ثم يتولى المرور تنفيذ حملات توعوية من خلال وسائل الإعلام، ويسعى جاهداً إلى إيجاد ثقافة عبور الطريق من خلال الحملات الإعلامية، على ألا تكون كسابقاتها التي لم تبن على أساس علمي سليم، رغم مشاركة عدد من أساتذة الإعلام في الجامعات فيها!!. إن وزارة التربية والتعليم مطالبة بالتعاون مع المرور في تخصص حصص في المدارس تعنى بالسلامة والثقافة المرورية لجميع المراحل، أو التركيز على ذلك من خلال مناهج التربية الوطنية، والقراءة، والتعبير، وبعض المواد الدينية خصوصاً أن ديننا الحنيف يحث على مساعدة الآخرين، ومنها إفساح المجال لهم لعبور الطريق، كما يجب أن تساهم أمانات المدن وبلديات المحافظات والمراكز في إيجاد البيئة الآمنة لعبور المشاة من خلال تصميم الشوارع والأرصفة والميادين، ورفع مستوى الوعي للقائمين على تلك البلديات بأهمية هذا الجانب الحضاري، فإدارة المرور وحدها لا يمكن أن تنجح في توفير بيئة آمنة للمشاة إذا لم تتكاتف الجهود، وتنجز الجهات الأخرى ما هو مطلوب منها في هذا الجانب.
|
|
|
| |
|