| |
مجموعة دراسة العراق.. وماذا بعد؟
|
|
قد تشكل التوصيات المنتظرة من مجموعة الدراسات المكلفة برصد ودراسة الوضع في العراق مخرجاً للرئيس الأمريكي جورج بوش من المأزق الذي تعانيه إدارته بسبب تدهور الأمن العراقي والفشل الذريع الذي منيت به السياسة الخارجية الأمريكية في أول حلقة من سلسلة ما يعرف بمشروع الشرق الأوسط الكبير، وهو الفشل الذي كان سبباً أساسياً في هزيمة الجمهوريين في انتخابات نصف الولاية في تشرين الثاني - نوفمبر، ولعل تكوين مجموعة الدراسات وتشكيلها من عشرة أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يأتي في سياق تصريح الرئيس الأمريكي الأخير، الذي طالب فيه بإيجاد إجماع وتوافق أمريكي حول العراق في محاولة لحفظ ماء الوجه الجمهوري من الخطوات الاستراتيجية المرتقبة وتلميح واضح وصريح على أن الإدارة الأمريكية وفي ظل الأزمة الداخلية الراهنة التي خلقتها تداعيات فوضى شوارع بغداد مقدمة على ما كنت تعده من المحرمات التي لا يمكن العمل بها والتي سيكون في مقدماتها الجلوس مع أعضاء محور الشر المصنفين أمريكياً للخروج والهرولة من المستنقع العراقي ولإيقاف قطار توابيت الجنود الأمريكان السائر من بغداد إلى واشنطن. فمن المرتقب أن توصي المجموعة الولايات المتحدة باعتماد دبلوماسية أنشط في الشرق الأوسط ولا سيما عبر إجراء اتصالات مباشرة مع إيران وسوريا، حيث يمكن إجراء الاتصالات مبدياً في إطار مؤتمر إقليمي حول العراق أو الشرق الأوسط تتحول بعد ذلك إلى محادثات مباشرة مع طهران ودمشق وذلك حسبما تسرب لوسائل الإعلام من أفكار وأطروحات المجموعة وبالإضافة إلى ما قيل عن المحادثات الأمريكية (الإيرانو- سورية) المباشرة فإن المجموعة قد توصي بانتقال القوات الأمريكية من وضع القتال إلى الإسناد مما يهدد بحدوث فراغ ميداني في الساحة العراقية وبانفجار برميل العنف الطائفي بين الفرقاء العراقيين وانزلاق البلاد إلى حرب أهلية وتحولها إلى مسرح نفوذ وولاء للدول الإقليمية المجاورة للعراق وتفتتها إلى دويلات مذهبية وطائفية كان المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط في بدايته ومقدماته مفعماً بالطموح وبوعود نشر الديمقراطية في العراق وفي العالم العربي وتصدير القيم المدنية والحداثية إليه فإذا بالديمقراطية تستبدل بالفوضى والمجازر والنفوذ الإقليمي الخطير وإذا بدول محور الشر السابقة تصبح أهدافاً للتفاوض الدبلوماسي الأمريكي. إن في ظاهرة غزو العراق واحتلاله من قبل أمريكا دروساً كثيرة يجب على صناع السياسية الأممية الأمريكية أن يستسقوا منها العبر ولعل أهمها أن احتلال الدول وتغيير الاستقرار السياسي لها وإحداث الفوضى الأمنية بنسقها الاجتماعي، ثم بعد ذلك تسليم مصائرها إلى بورصة المزايدات السياسية والحزبية الأمريكية ومغازلة الدول ذات المطامع بالعراق أخطر بكثير من رسم مشاريع التغيير الأمريكية الحالمة كمشروع الشرق الأوسط الكبير.
|
|
|
| |
|