اللقاء السادس للحوار الوطني: بعد جديد في السياسة والإعلام.. وأهل الجوف ودينمو الشمال
محمد بن فيصل أبو ساق(*)

أتيحت لي الفرصة الكريمة للمشاركة في فعاليات اللقاء السادس للحوار الوطني الذي كان بعون الله محققاً لغايات وأهداف كثيرة دون شك، وهنالك الكثير مما عرض على وسائل الإعلام من نجاحات وفعاليات الحوار الوطني. كما كانت للقاء جوانب أخرى مضيئة بعضها نعرفه ولمسه المشاركون، والبعض منها يستحق الإشارة، فما شاهدناه ولم تعلّق عليه الصحف بما يستحق هو ذلك البعد السياسي الجديد في الحوار الوطني الذي لا أعتقد أنه موجود في بلد آخر لأننا نتابع ونعلم حالة الدول في عالمنا ومن حولنا.
ذلك البعد هو وجود وزراء مسئولين ونوابهم وكبار موظفي وزاراتهم في مواجهة مباشرة مع نخب مختارة وجمع كبير من المختصين والمفكرين من كافة شرائح المجتمع، فقد كان اللقاء يعقد في قاعة واحدة وتحت تغطية إعلامية تلفزيونية حرة ومباشرة ليس لها قيود فردية على المشاركين أو سقف يحد منها، وإنني على قناعة تامة بأن نتائج وتوصيات هذا اللقاء سوف تحقق إيجابيات كبيرة لصالح الوطن ولذلك لن أناقشها هنا لأنني متفائل بها جداً، وسيركّز هذا المقال على جوانب مهمة أخرى من فعاليات اللقاء.
ذلك الحال المشرف من اللقاء الوطني المباشر والشفاف يعكس تطوراً مهماً في واقعنا التنظيمي والإعلامي. وفي اعتقادي أن اللقاء السادس بما جاء به من حرية إعلامية مباشرة سوف يرفع سقف الخط الإعلامي الذي تسترشد به وسائل الإعلام في ما تنشر أو ما لا تنشر، فحين كانت جلسات اللقاء السادس تنقل مباشرة على القنوات التلفزيونية ويحضرها الكثير من ممثلي الإعلام السعودي وغير السعودي كان اللقاء تحت سمع ونظر العالم كله بمن فيهم أبناء الوطن وكذلك رأس الدولة، هذه حسب قناعتي قضية سياسية ناضجة تعكس ثقة الدولة وصدق نهجها نحو الإصلاح والتطوير والبناء.
وأما الجانب الآخر المعلوم حقاً للجميع ولمسناه بصدق في الأيام القليلة التي قضيناها في منطقة الجوف فقد كان كرم وحسن معشر إخواننا وأهلنا في منطقة الجوف، فليس غريباً على سمو أمير المنطقة الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز كرمه وحسن الاستقبال والتنظيم الذي لمسناه فترة وجودنا في الجوف مما هو من شأن الإمارة الموقرة، وإخواننا أهل الجوف حتى مَن ليس له منهم علاقة بشؤون اللقاء الوطني قد كانوا مبادرين وسبّاقين بكرمهم واستضافتهم وعرض ما في وسعهم بروح أخوية كريمة وبنبل عربي وشهامة ومحبة لنا إخوانهم من بقية مناطق المملكة. أهل الجوف الشرفاء بما فيهم من تفاؤل وكرم يشعرونك بذلك دون تكلّف لأنهم يعكسون واقعاً نبيلاً ومعشراً كريماً بطبيعتهم الاجتماعية الصادقة، فالكل ممن التقينا بهم يرغب في استقبالنا وإكرامنا في منزله ونعلم حقاً بأنهم مجتمع وفي مضياف.
ومن كرمهم أن الواحد منهم حين يحدثك عن ذكرياته الطيِّبة مع زميل أو صديق قديم قد يكون من منطقتك أو تربطك به صلة معيّنة فإنه يجزل في القول بما هو من خصوصيات أخلاق أهل الجوف الكريمة.
وأما إذا كان الواحد من محدثيك أهل الجوف الكرماء قد درس أو عمل أو زار منطقتك لبعض الوقت فإنك سوف تطرب من روعة ألفاظهم وكرم وصفهم وحسن سردهم لذكرياتهم وعلاقاتهم ليشعروك حقاً بأنك وهم أحبة وإخوة بينكم الكثير من الفضائل وقوة الروابط، قابلنا الكثير من أهل الجوف منهم من نعرفه والكثير لا نعرفه إلا بما ترك فينا من انطباع جميل.
ولضيق الوقت فقد سعدنا بمناسبتين كريمتين أولاهما في ضيافة سمو الأمير فهد بن بدر في مخيمه بالبر في مكان يسر الناظرين والزائرين وبه جمع كريم من أهل الجوف. والمناسبة الأخرى كانت في ضيافة الأخ الفاضل الأستاذ فارس الروضان، حيث جمعنا بنخبة من إخواننا أهل الجوف في مخيم بري في أمسية كدنا لا نغادر فيها ذلك المخيم بما حواه من رجال أسعدونا باستقبالهم وبشاشتهم وكرمهم وأحاديثهم حتى ساعة متأخرة من الليل. وأما الأخ الكريم فالح الكايد وجمع آخر من أهل المنطقة فقد كنت تمنيت شخصياً لو أتيحت لنا الفرصة لقضاء بعض الوقت معهم تلبية لرغبتهم ورغبتنا في التواصل معهم لولا ضيق الوقت المليء بمتطلبات برنامج الحوار الوطني.
وقبل مغادرة هذه العجالة التي كانت لزاماً علي أن أعرضها هنا فليس لي بد من أن أتحدث عن الأخ والصديق الأستاذ صالح الشيحي الكاتب والمفكر المرموق ابن رفحاء المخلص وابن الوطن الصادق (دينمو الشمال)، فالمعروف للجميع أن قلم وفكر الأستاذ الشيحي يضيء شموعاً في كل جنبات الوطن الغالي بكل شئون وهموم الوطن. لكن الأستاذ الشيحي كان في الحوار الوطني السادس بالجوف ديناميكياً بكثرة علاقاته وكثرة محبيه وبما فيه من مقدرة على التواصل الفعَّال مع الجميع وإرضاء الجميع، هذا الشاب الوطني الرائع له مني خالص الاحترام، وإلى لقاءات وطنية موفقة أخرى.