| |
قياس الحراك الاجتماعي وتحريكه.. كلية اليمامة نموذجاً م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
|
|
لأن ما يحصل في الحياة ليس عبثاً.. فإن النتائج التي يراها الفرد في حياته ليست نتائج عبث.. بل نتائج إرادة واستجابة واستحقاق.. وما حصل في الأسبوع الماضي في كلية اليمامة - هذه الكلية الوليدة - فيما يخص الحراك الاجتماعي.. فاق ما حصل في جامعاتنا كلها رغم عمرها المديد.. لكن هل سنقول إن الكلية ستكون بهذا التأثير وبشكل مستمر أم أنها سوف تخبو ولا يزيد ما فعلته على أن تكون حركة عابثة أثارت الانتباه بالنسبة للبعض والغبار بالنسبة للبعض الآخر؟ لفت انتباهي أسبوع اليمامة الثقافي بحكم معرفتي بالكلية وبالقائمين عليها وبالأسماء المشهورة من المدعوين إليها وبالتغطية الإعلامية المتميزة التي حظيت بها.. لكن الذي لفت انتباهي أكثر هو نشاطاتها وفعالياتها والاستجابة الجماهيرية التي حققتها التي ستخدم الباحثين والدارسين للشأن الاجتماعي المحلي.. فقد تحولت الكلية إلى مقر اختبار واستقراء للمفاهيم والقيم المجتمعية السائدة واتجاهاتها ومقدار حراكها أو سكونها ودرجة عنفها أو هدوئها.. وبذلك أصبحت وسيلة من وسائل قياس الرأي العام لمعرفة مدى عمق قبوله أو رفضه للقيم والمفاهيم العالمية المطلوب إشاعتها محلياً.. وهي بذلك تجاوزت بعض أعضاء مجلس الشورى الذين رأوا في تشجيع افتتاح مراكز الدراسات والأبحاث نوعاً من التوسع غير المبرر.. ونحن - دون لمز لأحد - مجتمع فتي.. ينمو عددياً بنسب عالمية عالية.. كما ينمو اقتصادياً بنسب عالمية أعلى.. مما أفرز نمواً ثقافياً كان من نتائجه حراك اجتماعي هائل.. وإذا لم يصاحب ذلك الحراك أبحاث ودراسات مجتمعية فإننا سنكون كمن يترك ذلك الحراك الفائر إلى سطوة القمع أو إلى فلتان الإهمال الذي سوف يستغله المغامرون فيحدثون في مجتمعنا إصابات تولد عاهات دائمة.. وهذا يجعل من مراكز الدراسات والأبحاث ضرورة حاسمة لا كماليات استهلاكية يمكن الاستغناء عنها. إننا في حاجة إلى أن تقوم جامعاتنا السعودية بأعمال ونشاطات تكون وسائل اختبار مختلفة تتيح للمهتمين استقراءً أوضح وأوسع وأدق للظواهر المجتمعية السعودية.. فنحن نعيش في بلد بمساحة قارة وفينا تنوع عرقي وفكري ومذهبي.. وكم سيكون جميلاً معرفة الفروقات بين المجتمعات المحلية، فهل ما رُفِضَ في كلية اليمامة بالرياض سوف يُقبل في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة أو جامعة الجوف أو جامعة بريدة؟.. إن من حق هذا البلد الشاسع الأطراف.. الكريم الأرض.. المعطاء القيادة.. أن يكون محل فخرنا به وحرصنا عليه وانتمائنا إليه كمواطنين أوفياء وهذا لا يكون بالإلغاء والتدمير؟!
|
|
|
| |
|