أفق
التذمر من كل شيء
سلطان بن محمد المالك

التذمر (التضجر) والإحساس بالإحباط وعدم الرضا سمات من سمات بني البشر، حتى أن بعض شخصيات الإنسان البشري تتلبس تلك السمات منذ أن تولد وحتى تموت...
في حياتنا يصادفنا نوع من الناس (نماذج بشرية)، رافضة للنظام والقوانين ويضيقون بها ذرعاً، متشائمة، متذمرة، متضايقة من كل شيء، (فهي لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب)... يصادفوننا في العمل وفي الشارع وفي الأسواق وفي المنزل (أحياناً) وفي كثير من الأماكن... قد تكون تلك نماذج تسلحت بطموحات تفوق إمكانياتها وتشبعت بأمنيات تتجاوز حدود واقعها، لذلك تجدها دائماً مصدومة، مهمومة، وكثيراً ما تكون حاقدة، ناقمة ومتشائمة...
وعندما تسأل الواحد من هؤلاء لماذا كل هذا الاحتقان والانزعاج، يجيبك بان الأنظمة معقدة ولا داعي لها، أو يقول أنا مظلوم أو أنا غير محظوظ.. وعندما تتأمل هذا الشخص جيداً تجد أن المسألة لا تتعلق بما قاله، بل أن المشكلة تكمن فيه..
هؤلاء الأشخاص عجزوا عن التصالح مع أنفسهم، وعن التواؤم مع الآخرين، وعن قبول كل ما هو نظام أو قانون...
هؤلاء الأشخاص يريدون أن يحصلوا على كل شيء بوضع اليد، دون النظر إلى أن ما يريدونه هو حق للآخرين، لذلك تجدهم متشائمين، منقبضين...
فالطفل في المنزل يريد أن يستولي على كل شيء، متجاوزاً حقوق أشقائه، والطالب المحدود الذكاء والكسول يريد أن يحصل على أعلى الدرجات، والموظف لا يريد أن ينتظر موعد ترقيته بل يريد أن يتسلق سلم الوظيفة بسرعة البرق متجاوزاً أقرانه... وإن لم يحصل على ذلك، فإن النقمة تنهال على النظام والقوانين والمسؤولين ويصبح هو المهزوم، المظلوم بالفعل... تلك ثقافة مجتمعات تشربها الناس منذ نعومة الأظافر ولا يمكن إزالتها (بضربة عصا موسى)... نحن بحاجة إلى إعادة صياغة وتهذيب وتعديل هذه الثقافة وإصلاح عطب قرون لحق بالشخصية البشرية.. والإصلاح بالتأكيد يبدأ، من قيم الإنسان والشعارات الباهتة التي تعلق بها...
وإذا لم تقم المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية بدورها كما يجب سيظل الجميع يشعر بالنقص والفاعل مجهول...
خاتمة
قيل 6 أشياء إذا ذكرها من لديه مصيبة هانت عليه مصيبته ومفيدة جداً لكل متذمر: أن تذكر أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن الجزع لا يرد القضاء وأن ما أنت فيه أخف مما هو أكبر منه, وأن ما بقي لك أكثر مما أخذ منك, وأن لكل قدر حكمة لو علمتها لرأيت المصيبة هي عين النعمة، وأن كل مصيبة للمؤمن لا تخلو من ثواب ومغفرة أو تمحيص أو رفعة شأن أو دفع بلاء وما عند الله خير وأبقى.