| |
هروب العمالة..مَنْ المستفيد؟ مالك ناصر درار/ جدة
|
|
* يردد الكثير من الناس وأرباب الأسر الأسئلة ذاتها بعد كل حادثة هروب خادمة أو سائق، لماذا هربوا؟ ومن المستفيد من هروبهم؟.. في السابق كنا نعزو هروب الخدم والسائقين إلى سوء معاملة بعض الأسر التي تحرمهم رواتبهم أو تتطاول عليهم بالكلام وباليد، أو نتيجة كثرة الأعمال التي يحملها البعض إياهم والتي تفوق طاقاتهم. وهذا الأمر لا خلاف عليه لأننا كبشر لا يمكن أن نتساوى في طباعنا وأخلاقنا، ويمكن أن تبدر تلك الممارسات من البعض ولكن ليس من الجميع. * في مقابل تلك المعاملة السيئة، نجد عائلات أخرى تحسن معاملة خدمها وسائقيها وتؤدي حقوقهم كاملة، وتراعي ظروفهم الإنسانية التي اضطرتهم للعمل والغربة، وتعامل الواحد منهم وكأنه من أفراد العائلة، ولا سيما إن كان الخادم أو السائق قد قضى سنوات طويلة في خدمتها.. ومع ذلك يصر بعضهم على الهروب وترك الخدمة بحجة الرغبة في العودة إلى بلادهم لنفاجأ بهم بعد فترة من الزمن من أرباب العمل في البلاد!، الأمر الذي وصل إلى نتيجة واضحة وهي أن سوء المعاملة ليس السبب الحقيقي والأوحد وراء هروبهم، بل إن هناك أسباباً أكثر أهمية بالنسبة لهم، كالرغبة في أعمال أخرى أو التفرغ للأعمال الخاصة بعد أن اكتسب خبرة مهنية واجتماعية تمكنه من الاستفادة من الطفرة الاقتصادية التي يشهدها البلد. * نحن نقر بأن الخادم أو السائق له حقوق وعليه واجبات، ولا نعارض ذلك البتة، ويفترض أننا نحترم رغبته في ترك العمل والاتجاه إلى جهة أخرى، لكننا نطالب بأن يكون ذلك تحت مظلة الأنظمة وحسب مقتضيات معروفة لا تتسبب في ضرر الأسر والعائلات التي تكبدت الخسائر المادية عند استقدامهم، وتكبدت الكثير من الوقت في تعليمهم مهامهم ولا سيما إن كان أكثرهم يقدمون إلى المملكة صفحة بيضاء لا يعرفون شيئاً من متطلبات المهنة التي جاؤوا للعمل فيها!. * ما نلاحظه على نظام استقدام العمالة في بلادي أنه لا رابط واضحا بين إمارة وأخرى في شأن معالجة وتسيير أمور هذا القطاع، بدءا بنظام التأشيرات، مروراً بمكاتب الاستقدام وانتهاء بقوانين تسفير هذا العامل في حال هروبه، فهناك أمور ربما تجوز في بلد ولا تجوز في أخرى، وبالتالي فإن العمالة ومكاتب الاستقدام لا يجدون أي إعاقة في عملهم لأنهم في بحث دائم عن الحلقات الأضعف والثغرات في تطبيق القوانين والأنظمة الموجودة التي يدركونها أكثر من إدراك الأسر التي تستقدمهم. وهم - العمالة ومكاتب الاستقدام - منتصرون في كل الأحوال، فالمكاتب مستفيدة مادياً من العمالة ومن الأسر، والخدم مستفيدون برواتبهم وبحصولهم على فرص عمل أخرى بعد هروبهم، أو بعد عودتهم إلى البلاد مرة أخرى.. ويبقى الفرد الذي استقدم تلك العمالة والمجتمع ومؤسسات الدولة هم الفريق الخاسر مادياً واجتماعياً. * السؤال المهم الذي لا بد أن نطرحه: لماذا نعاني من هذه المشكلة أكثر من مجتمعات أخرى تفوقنا في عدد سكانها وفي عدد الخدم لديها؟ ولماذا نشعر بأن القوانين الحالية غير قادرة على ضبطهم وحفظ حقوق من يستقدمونهم؟ وما جدوى الحديث عن مشكلات التركيبة السكانية والعمالة السائبة والإقامة غير الشرعية في ظل غياب وتفاوت القوانين التي تنظم هذا القطاع؟؟ أسئلة ملحة ننتظر إجابات الجهات المسؤولة عنها.
|
|
|
| |
|