| |
سوق الأسهم تتجه إلى التصحيح ولا عزاء للخاسرين حماية سوق المال ورفع ثقافة الاستثمار والاستمرار في الاكتتابات خطوات مطلوبة للاقتصاد الوطني
|
|
* كتب - عبدالله الرفيدي: تعيش سوق الأسهم هذه الأيام مرحلة من التأرجح الشديد جعلت مواقف المتداولين غير قادرة على فهم ما يجري وبالتالي تحديد وجهتهم نحو البيع والشراء. وقد ظهر في التداولات اليومية سلوك جديد في السوق يحتاج الوقوف والتأمل فيما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل القريب على أقل تقدير خاصة أن هناك متداولين قد أقدموا على الشراء بأسعار مرتفعة لشركات العوائد قبل فترة ليست بعيدة. وعلى الرغم من الوضع الضبابي للسوق الذي نرى أنه امتد إلى الأسواق الخليجية وأصبحت جميعها تشكو الخسائر السوقية للأسهم، إلا أننا سوف نحاول قراءة واقع السوق السعودية مع بداية وضع جديد يمكن أن نحدد بدايته منذ أن بدأ ظهور رئيس هيئة سوق المال عبر الشاشة الفضية عندما اخترق المؤشر حاجز الثمانية آلاف نقطة نزولا قبل أسبوعين تقريبا وأكد فيه أن الأسعار الحالية للأسهم جيدة للاستثمار. بعد التصريح الأول لرئيس هيئة السوق عندما بدأت السوق في التدهور ووصلت فيها قيمة التداول اليومي دون أربعة مليارات ريال أخذ المؤشر في الهبوط القوي نحو مزيد من الخسائر وكادت أن تواجه انهياراً كبيراً بعد هبوط المؤشر دون ثمانية آلاف نقطة وبعد ساعة تقريبا من تداول محزن خرج رئيس هيئة السوق المالية للجمهور عبر قناة العربية ليبعث رسالة إلى المستثمرين بأن الهبوط غير مبرر وأن أسعار الشركات وصلت إلى مكررات ربحية مناسبة للمستثمرين. وقد كنت أتمنى أن يكون الظهور في جميع وسائل الإعلام حتى يتمكن جميع المستثمرين من مشاهدة ما قاله الرئيس ويكون هناك حوار إعلامي لبحث حقيقة الانهيار. لم تستجب السوق في اليوم نفسه لكن في اليوم التالي دخلت سيولة إلى السوق بشكل مفاجئ ورفعت أسعار الشركات خاصة القيادية إلى مستويات جيدة استبشر الكثيرون بهذا التدخل الذي لم يعرف من كان وراءه حتى اليوم إلا أن ذلك لا يهم أي لا يهم مصدر الدواء ما دام انه سيشفي السوق من مرضها. وعند تتبع الأحداث في السوق نجد أن السيولة لم تكد تتجاوز أربعة عشر مليارا يوميا ولكن الملاحظ الذي يجب معرفة أسبابه هو كمية الأسهم المتداولة يوميا والتي تعد كبيرة قياسا بفترات سابقة. وعاشت السوق فترة عشرة أيام تداول تقريبا في وضع المد والجزر يحاول من خلالها المتداولون قراءة الاتجاه الذي سيتجه اليه المؤشر لكسب الثقة والتأكد من أن الوضع سوف يتحسن. بعد التصريح الثاني لرئيس هيئة السوق استمر سجال السوق في التذبذب والتركيز على المضاربة أكثر من الاستثمار وشهدت السوق تبادلا للمراكز بين قطاع الخدمات والزراعة والاسمنت في اغلب الأيام، ولمزيد من الطمأنة ظهر الدكتور عبدالرحمن التويجري على القناة الأولى السعودية يوم الخميس 23-11-2006م ليضيف بذلك بعدا آخر للسوق حيث أوضح الأسباب التي أدت إلى الارتفاعات السابقة للمؤشر وأشار إلى ان الانخفاض الحالي ما هو إلا امتداد للانخفاض السابق. هذه المرة من الظهور لم تؤثر على السوق كثيراً بقدر ما كان محاولة لإفهام المستثمرين حقيقة الانهيار واستمرار الانخفاض للأسعار، ولعلنا عندما نسأل مستثمرا عن حجم الخسارة التي تكبدتها محفظته فإن إجابته تحدد الخسائر ما بين70 إلى 85%، كما أننا نجد أن انخفاض المؤشر عن أقصى نقطة وصل اليها هي60% وليس50% مع الأخذ في الاعتبار ان حجم السيولة التي كانت في السوق في يوم الانهيار كانت عالية جداً. ونشاهد التداولات خلال الأسبوع الماضي بدأت تأخذ منحنى خطرا ففي يوم الاثنين مثلا بدأت السوق الضغط على الأسهم القيادية حيث تم عرض كميات كبيرة من سهم سابك بسعر منخفض من محفظة واحدة ليشكل ضغطا على السوق، وهذا الاتجاه نحو الهبوط بدأ منذ بداية الأسبوع بالرغم من أن المؤشر يقفل أخضر، وهذا عمق الحيرة التي يعيشها المتداولون. وقد أعطى هذا التوجه للمستثمرين الذي أخذ بالتكرار تصورا بأن عملية إنزال للمؤشر تتم على مراحل بحيث يتمتع المضاربون في كل مرحلة من تحقيق الربح واتسام ذلك الجني من الأرباح بالسرعة لكي يكون الانخفاض للسوق أكثر من الارتفاع ويعزز هذه الرؤية انخفاض السيولة الحاد في التداول لفترات طويلة قبل الإقفال. ولعل السؤال يبقى شاخصا من المتعلقين بأسعار شراء مرتفعة في أسهم العوائد ولن يجدوا من يجيبهم عنه في الوقت الراهن، وفي كل الأحوال نجد أن الاتجاه الهابط للسوق وكأنه مدروس ويسير بشكل (متزن) حتى يصل بالسوق إلى القاع المنشود مع نهاية العام الحالي، مع التأكيد أن السيولة التي دخلت لإنعاش السوق قبل أسبوعين ما هي إلا سحابة صيف. اضافة إلى ذلك نرى أنه خلال الأسبوعين الماضيين كانت هناك عمليات تبادل للمراكز بين سهمي الراجحي وسابك من جهة وسهمي الاتصالات والكهرباء من جهة أخرى، وتظهر عمليات سيطرة بشكل أكبر على سهمي الراجحي وسابك من خلال ارتفاعات وانخفاضات عند مستويات سعرية محددة تؤكد في كل مرحلة ارتفاع أن الأسعار تحاول الوصول إلى مستويات أقل أي أن الرغبة في تحرك القياديات يكون محدوداً بمكررات ربحية اكثر ملاءمة لسوق صحي حتى لو أدى ذلك إلى إبقاء المتعلقين بالأسعار المرتفعة في حيرة وانتظارا للسعر للمناسب للتعويض. وهذا التوجه يلزم الخاسرين على التضحية والبيع بخسارة والعودة من جديد إلى السوق عبر المضاربة المحترفة حتى يتمكنوا من التعويض في فترة طويلة. وقد لفت نظري في حديث الدكتور التويجيري أن الهيئة تسعى لأن ينقل التداول من فردي إلى مؤسساتي مع تقدم السوق. وتعليقا على هذا المسعى فإن ذلك يؤدي إلى العمل باحترافية اكثر ويبقي المتداولين القليلي الخبرة بعيدا عن السوق بإيكال المهمة للشركات التي سوف تتولى الاستثمار بالنيابة عنهم. وبالتالي فإن الروح الرياضية يجب يتحلى بها المتداولون وذلك بقبول الخسارة والخروج من السوق بأقل الخسائر إن أمكن. ولا أدري لماذا لا يحق للمواطن الاستثمار في سوق الأسهم بنفسه مثلما يستطيع أن يفعل من خلال الاستثمار مثلا في السوق الامريكية عبر الانترنت او البنوك المحلية التي تعمل كوسيط تنفيذ للأوامر بل تجاوزت ذلك الدور بتزويد المستثمر بقوائم لأفضل الشركات أو التي ينتظر منها أخبارا إيجابية. ومن خلال أحداث السوق نجد أن هناك عمليات تطوير اضافية تحتاج إلى أن يصل السوق عند إقرارها إلى مستويات سعرية مقبولة ومن هذه العمليات تقسيم السوق وعزل حصة الدولة من بعض الشركات الذي سيغير من خارطة السوق كما قلنا ذلك في تحليل سابق. ولهذا ما زالت السوق تحتاج المزيد من الخفض لبعض المكررات الربحية للعديد من الشركات حتى تدخل عمليات التداول فكراً جديداً من الاستثمار تتحرك فيه الاسعار ما بين مكررات ربحية للشراء عند الثمانية والبيع عند اثنى عشر أو أربعة عشر. أين سيصل المؤشر؟ لقد فرض الواقع على المتداولين أن يجد المؤشر نقاط مقاومة جديدة وحقيقية وليست توقعات فنية وهي أن وصول المؤشر إلى تسعة آلاف نقطة اصبح أمرا مستبعداً، وأقول ذلك من خلال حركة المؤشر في الاسبوعين الماضيين حيث إن الوصول إلى8700 نقطة أمرا صعبا وغير مقبول ويتم الرفض لذلك بعرض كميات كبيرة من أسهم المؤشر بأسعار أقل. وهذا السلوك الذي يقوم به مضاربون كبار بدأ في الحدوث منذ السادس من شهر شوال الماضي ولم ينتبه له المتداولون ولكن هناك من كان يعلم به ولديه الموافقة عليه. وقد كنا نسخر مما يكتب في المنتديات في الانترنت من أن السوق يتجه إلى6000 نقطة. وأقول: إن هناك همسا بين المستثمرين هذه الأيام بأن المؤشر سيصل إلى 6800 نقطة، ونلاحظ ان عمليات التدوير والمضاربة باتت قوية وبمعدلات يومية مع سيولة منخفضة لا تتجاوز في كل الأحوال 14مليار ريال وهذا يبعد المستثمرين الصغار أو أصحاب المحافظ المتوسطة من السوق لعدم القدرة على مجارات المضاربين بالرغم من انتشار التوصيات عبر الجوال والانترنت. وأضيف أن عملية الخفض مرتب لها ولكن على مراحل كما يجدر بالذين اشتروا على مكررات ربحية لا تتجاوز14 أن يحافظوا على أسهمهم وان يتحلوا بالصبر حتى تعود السوق إلى الوضع المرغوب فيه.ونؤكد للمتداولين أن القادم سوف يكون أصعب لا ينجح فيه إلا قناصو الفرص وسوف تكون فيه السوق مائلة إلى الانخفاض أكثر من الارتفاع وغير مستقرة ولا يعرف لها اتجاه من المستثمرين وهذه طبيعة التصحيح الذي ننتظره. تأثير الأسهم على الاقتصاد الوطني لو تحدثنا عن سلعة مضرة أو حوادث السيارات لقلنا إنها تؤثر على الاقتصاد الوطني وعلى الجهات الحكومية ذات العلاقة. ولا أدري لماذا نحاول أن نؤكد بين فترة وأخرى إنكار تأثير سوق الأسهم اقتصاديا واجتماعيا على المملكة ونحن نعلم أن مكونات الناتج المحلي الوطني يتكون من بنود عدة تعتمد على الاستهلاك للفرد والأسرة، ولعل السبب في التقليل من التأثير هوان عائدات النفط تشكل الرقم الأكبر في الناتج المحلي وبالتالي فإنها يمكن أن تخفي التأثير الحقيقي. ونريد هنا أن نعرف ما هو التأثير على مواطن قام بالاقتراض وآخر انفق مدخراته وآخر باع منزله من أجل سوق الأسهم، التأثير سوف يتشكل عبر انخفاض حاد في الانفاق لديه على جميع السلع التي يتشكل منها الناتج الاجمالي المحلي وفوق هذا تتحمل وزارة الصحة التبعات الصحية وتحمل الأسرة وتكبد البنوك لبعض الخسائر. إذا التأثير واضح وملموس ولا يجوز أن ننكر ذلك ونحاول أن نبرر الأخطاء التي وقعت سواء من مواطن أو من غيره، والمؤسف في الأمر أننا نحاول تسلية أنفسنا أو نحاول التبرير بأن السوق الأمريكية قد سبقتنا في الانهيار عام 1999م. وكيف أن أسعار شركات عملاقة انهارت وأخرى اختفت من شاشات التداول. وأقول هنا: ألا ينبغي أن نأخذ الدرس كجهات مسؤولة ونتعلم من أخطاء غيرنا ولدينا الوقت لذلك؟ ولماذا نحاول الهروب من المسؤولية بالقول إن لدينا سوقا حرة ولا نستطيع أن نتدخل، في الوقت الذي نتدخل فيه عندما نقول إن هناك ارتفاعا في سعر سلعة أو أن هناك غشا ونرى التدخل الأمريكي والأوروبي لحماية اقتصادات بلدانها من المنافسة. أن ترك أسواق المال دون حماية هي فلسفة الاقتصاد الليبرالي الحر تحاول من خلالها توجيه الضربات القاسية لاقتصادات الدول مثلما حصل في آسيا أو أن تترك السوق لتدميرها من قوى داخلية. إن التدخل الحكومي حاصل بشكل أو بآخر دائما لحماية الأسواق أما بسن تنظيمات جديدة أو مراقبة المضاربين ولكن ذلك لا نرى له تأثيرا حقيقيا في الحماية في الوقت الذي لا يحق لنا أن نجبر المواطن على ترك السوق أو تحمل الخسائر. في الاكتتابات صحة بسبب الوضع الراهن لسوق الأسهم تتعدد المطالبات بوضع الحلول وتخرج لنا بين فترة وأخرى المقترحات، ومن أبرز هذه الاقتراحات إيقاف الاكتتابات. نفيد المستثمرين بأن المستفيد الأكبر من هذا الإيقاف هم المضاربون فقط وإنه ليس من الصواب إيقاف الطرح للشركات الجديدة بل إن ذلك فيه صحة للسوق وتعويض للمواطن وزيادة عمق السوق. والذي يمكن قوله في ذلك من نقطة مهمة هو طرح أسهم بعدد قليل أو الطرح بعلاوة إصدار مرتفعة، لذا يجب أن يكون هناك خفض لسعر السهم إلى خمسة ريالات أو ريال حتى يكون هناك عدد أكبر من الأسهم المطروحة التخفيف من سيطرة المضاربين على الشركات وخاصة التي يطرح منها اقل من40% من رأس المال للاكتتاب. لا أدري لماذا نعشق طرح الخدمة أو السهم بأسعار مرتفعة ونحاول أن نبرر ذلك ونعلم أن في ذلك ضغط على المواطن من أجل اصحاب الثراوات. وليس هذا فحسب فهناك أمر يقلق بحق وهو جهل المواطن التام وسعيه الدائم إلى تحقيق أعلى الأرباح أو الركض خلف عرض لخدمة بسعر مرتفع دون أن يفكر. وأعتقد أن السبب الحقيقي لذلك أنه اعتاد أن يكون منفقا وتمت تربيته على ذلك إضافة إلى تطبيق مبدأ (مع الخيل يا شقراء) أي اللحاق بالركب واتباع الآخرين. ونرى أن ثقافة الاستهلاك أو إدارة الاسثمار للمدخرات لدى المواطن معدومة. والمؤسف أن الذين يفترض انهم حكماء يبقون متفرجين حتى تقع الكارثة ثم يبحثون عن الحلول الصعبة في الوقت غير المناسب أي بعد فوات الأوان. ومن المهم أن تقوم هيئة السوق والجهات الأخرى بالتركيز على تثقيف المواطن استثماريا وكيف يدير ميزانيته اضافة إلى السعي الحثيث لتحويل الفكر الاستثماري في سوق الأسهم إلى الاستثمار الطويل الأجل والعمل على تثبيت ذلك. كما أن الاستمرار في طرح الاكتتابات يجب أن يستمر، لأن أثرها الايجابي في المستقبل البعيد كبير جدا والتأكيد على المواطن أن الاكتتاب من أجل البيع الفوري ما هو إلا عمل خاطئ.
|
|
|
| |
|