| |
حديث الاسبوع هذا الوشم أتعبني!! د. محمد غياث التركماني
|
|
ما زلت أذكر كيف كانت تدهشني الرسوم والنقوش والإشارات الملونة التي كنت أراها فوق وجوه وأيادي بعض النساء ورجالهم أثناء زيارتهم لدكان جدي - رحمه الله - الذي كانت تربطه معهم علاقات تجارية وصداقة. لطالما حيّرتني هذه الرموز والإشارات المختلفة الشكل ودفعتني للتساؤل عن معانيها ودلالاتها وكينونة تنفيذها وألوانها والأدوات المستخدمة في رسمها بهذا الشكل الذي لا تزول معه ولا تختفي أو يتبدل لونها مع مرور الزمن. وعندما كبرت أدركت معنى تلك النقوش والرموز ودلالاتها، وأول ما عرفت أنها تُدعى (الوشم) أو (الدّق) كما تقول العامة. اليوم أصبح الوشم تعليقة وموضة رائجة لدى الشباب، وأصبح الأمر يستهويني أكثر من أي وقت مضى، صرتُ أفكر في الذهاب إلى (وسط المدينة) عند كل زيارة لمدينة عربية كانت أم غربية، وأصبحت اللافتات المكتوب عليها عبارات (وشم) أو (ارسم الوشم الذي تريد) أكثر تواجداً في تلك الساحات، فيستحضرني الفضول والوقوف مع جمهور الواقفين لأرى ما الحكاية. إن أول ما يلفت نظري هو هذا المزيج العجيب من فتية في مقتبل العمر وشباب بدا عليهم علامات الانبهار والاندهاش بهذه الصرعة الجديدة. ولو سألت أحدهم عن أصل الوشم أو الفائدة منه فإن الإجابة تأتي بعدم المعرفة، ولكن الحافز لهذا العمل هو أنه شيء جميل ومختلف. إن نظرتي للوشم تختلف تماماً عما يدور في خلد الواقفين والمهتمين والمتجمهرين. الواقفون يفكرون في لون وشكل الوشم، فيما أنا أفكر في طريقة إزالته، وفي الصعوبات التي ستواجه الطبيب عند إزالته، إضافة إلى ما قد يصاحب الوشم نفسه من مضاعفات عديدة. مع تطور علوم الطب وتطبيق الليزر كعلاج في إزالة الوشم قمت بإزالة مئات بل ألوف الوشوم بألوانها العديدة وأشكالها المختلفة ورموزها الغريبة ومعانيها المجهولة، لكن خبرتي هذه في الوشم علّمتني منه دروساً كثيرة لا تُنسى. ببساطة بالغة علَّمتني أن الوشم نقوش وألوان وطلاسم سهلة الوضع جداً، لكنها ليست دوماً سهلة الإزالة.
|
|
|
| |
|