| |
المتاجرة بالعلم! سلوى أبو مدين
|
|
لعلي ما زلت تائهة حيرى بين سطور تمارس سطوتها، تحملني تارة على أعلى قمتها وأخرى تلقي بي في قاعٍ عميق وأنا في دوامة أرثي حال التعليم لما آل إليه حاله! ليست قصة تنسج أو تحاك كما نسمع ولكنها حقائق. فقد أصبح العلم يتاجر به من وإلى الطالب وكأنه بضاعة، فالمعلم في هذا الزمن العصيب أضحى شريحة ضعيف الإرادة من أجل الكسب المادي أياً كان نوع هذا الكسب ومن بينها العلم. وقد نمى إلى مسمعي من طالب في مدرسة ما بمدينة جدة أن معلّمه يبيع إليهم أسئلة مادته التي يدرسها لهم مقابل مبلغ معيّن! وإذا بحثنا عن الحيثيات فإن الجميع مسؤولون عما يحدث، فالطالب الصامت مسؤول عما يحدث في سبيل الحصول على درجات تؤهله من الانتقال من مرحلة إلى أخرى في آخر العام الدراسي. فقد أصبح العلم يُتاجر به ضعاف النفوس واندثرت القيم والفضائل، عند بعض البشر، وحتى كتابة هذه السطور وأنا أحصر نفسي في بوتقة العالم الوردي، عالم يعطي بدلاً من أن يأخذ، أحيا على أرضِ الخيال والأحلام التي حصرت نفسي في بوتقتها أمداً طويلاً! البشر في هذا العالم وهذا الزمن، فقدوا شرطهم الإنساني وهذا سبب الخراب الهائل الذي يحاصرنا من كلّ الجهات، لكن علينا أن نراهن دائماً على الإنسان فينا وفي الآخر، وإلا فقد الوجود معناه والحياة قيمتها فازدادت الضمائر المتهالكة ولا قيمة لشيء في حياتهم سوى الربح المادي بأي شكل وبأي ثمن! الطالب في قبضة المدرس ومن المفترض أن يكون قدوته إلا أن الأمر أخذ شكلاً آخر. لقد نال منا العلم والمعرفة نصيباً من الازدراء والمهانة، وفقدنا مصداقية المعلّم التربوي الذي باع ضميره في سبيل وريقات من المال. إنه عصر القهر واندثار الفضائل بكل ما يحمله من صور مشروخة إن لم تكن مكسورة، لشريحة من الناس استطاعوا أن يشوّهوا رسالة التعليم النبيلة. العلم في وقتنا الراهن مقررات تعجّ بكلمات متراصة تملأ صفحات، وأرتال من الكتب تُحمل فوق أكتاف الصغار وأسئلة تباع بثمنٍ بخس للطالب ومتاجرة برسالة سامية! هذا صور حاضرنا في مزاولة مهنة التعليم، ولعل الوقفة تحتاج إلى بُعد ثاقب منظور من قِبل المسؤولين عن التعليم، فهل نتدارك ذلك أم أن الأمر لا يعنينا بما يحمله من توجّس لمستقبلنا القريب؟! مرفأ: العِلم أمانة قبل أن يكون رسالة!
|
|
|
| |
|