| |
وتاليتها... جدة.. تغرق في قطرات ماء! أ.د. هند بنت ماجد الخثيلة
|
|
لا يكون القائد عظيماً إلا إذا عظمه شعبه، ولا يمكن لشعب أن يعظم قائده إلا إذا كان ابن هذا الشعب ووالده.. ولا يرتقي القائد إلى العلياء في نظر أهله إلا إذا كان مميزاً مقداماً فارساً، ولا يسلم الناس لملك إلا إذا رأوا من حكمته ما لا يجدونه في غيره.. هكذا هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز - رعاه الله- ابن هذه الأرض وهذا الشعب، ومَن منا يستطيع أن ينسى تواضعه وهو يتفقد أحياء الرياض ليقف بنفسه على شؤون أهلها، وليتخذ من المواقف والمكرمات ما يكفي لأن يبعث الفخار في النفوس، وما هو جدير بأن يشكل جسراً فريداً من تواصل القائد مع شعبه؟! ومَن منا يستطيع إلا أن يقف مبهوراً بجرأة هذا القائد وهيبته وعزة نفسه؟! بل من يمكنه ألا يتجه بعينيه وقلبه ووجدانه إلى مكمن الحكمة والواقعية عند خادم الحرمين الشريفين؟! هكذا هم قادة المملكة على مر العقود، وهكذا هو الشعب السعودي الأصيل الذي ما فرط يوماً في عروةٍ واحدة من عرى التواصل الشعبي مع قيادته. كنت في زاوية سابقة قد أشرت إلى ضرورة أن تسمى جائزة الملك باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أو كان الحديث في هذا السياق عاماً بين أبناء الوطن، وإذا كان - حفظه الله - بتلك الصفات التي أسلفت وأكثر، فإنه بقبوله أن تصدر جائزة باسمه في مجال الترجمة.. قد ضرب لنا مثلاً جديداً في قربه منا، وفي حبه لنا، ففي الوقت الذي أردنا تلك الجائزة تكريماً لمقامه السامي إذا بها تكون هدية لنا منه -حفظه الله.. يؤكد ذلك المجال الذي تم اختياره للجائزة التي تحمل دلالة أكبر من معنى الجائزة، فهي دعوة من مقامه إلى الأمة كي تضاعف الجهود وتطلع على علوم وآداب الآخرين لتتسع خطاها، وتلحق بالركب.. ولعلي به -حفظه الله- قد أصاب الهدف مرتين في آنٍ واحد؛ فهو قد أرضى شعبه الذي يريد أن يكرمه، وفي الثانية وجه شعبه بل أمته كلها إلى حيث يكون التكريم الحقيقي.. إلى طلب العلم من مظانهِ الأصيلة ونقل الحديث والمتطور منه إلى مدارسنا وجامعتنا ومكتباتنا ومراكز البحوث لدينا. ولعمري فإنها خطة لا تماثلها خطوات في التوازي مع التوجه الإصلاحي الحقيقي للمملكة هذا الإصلاح الذي يجب أن يقوم على العلم والعمل لا على الشعارات والتشنجات.. وكأني به - حفظه الله - قد استدعى عصر الأمة الإسلامية الذهبي أيام الدولة العباسية حين وصل الأمر بالخلفاء وبأمراء المسلمين أن يعطوا كل من يترجم كتاباً وزنه ذهباً، هؤلاء كانوا يصنعون بذلك الإستراتيجية الأولى لنشوء الحضارة الإسلامية العريقة التي تربت عليها الأرض كلها، ونقل عنها الخلقُ كله.. نعم حين نهتم بالترجمة فإننا ننقل حضارة الآخرين، ولكنني أكاد أعي الهدف الكبير الذي يرمي إليه خادم الحرمين الشريفين وهو التواصل مع الآخرين إما بالنقل عنهم وإما بالنقل إليهم، وبهذا تُبنى الحضارة المتصلة، ويتم الفهم المتبادل، وأهم من ذلك كله موت الصوت المتشنج الذي يريد أن يقطع الإنسانية عن بعضها، ليظل ظلام الغلو والتطرف هو سيد الموقف، الذي لا يحتاج إلى سيدٍ شدة حاجته إلى نفاذ بصيرة وبعد النظر.. وتاليتها؟!!!
|
|
|
| |
|