Al Jazirah NewsPaper Monday  27/11/2006G Issue 12478الرأيالأثنين 06 ذو القعدة 1427 هـ  27 نوفمبر2006 م   العدد  12478
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

شعر

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

مدارات شعبية

وطن ومواطن

زمان الجزيرة

الأخيــرة

وتحدثت الدموع
د. إبراهيم بن محمد السماعيل /الرياض

رفع مدير الجمعية الخيرية رأسه لينظر إلى ذلك الرجل الذي دلف إلى مكتبه بكل هدوء ووقف أمامه صامتاً مطرقاً رأسه في الأرض، وإذا به يرى رجلاً خمسينياً ذا وجه شاحب قد أنهكته السنون، وأكلته الهموم، وأثقلته الديون. انعقد لسانه فلم يستطع البوح بما يعتمل في صدره من الهم والحزن.
ساد الصمت برهة من الزمن بين مدبر الجمعية وذلك الرجل الخمسيني الذي أُلجم لسانه عن الكلام، واحتبس صوته داخل أحشائه رافضاً التعبير عن حاجته ليفوض الأمر إلى العيون لتتحدث عن تلك المعاناة التي يحملها ذلك الرجل.
مضت دقائق والصمت هو سيد الموقف، وعيون ذلك الرجل المهموم تزداد حمرة وارتعاشاً، ولصدره أزيز كأزيز المرجل، لينقطع ذلك الصمت فتتحدث العيون عبر نهر متدفق من الدموع من عيني ذلك الرجل لتهز القلوب وتكشف عن ذلك الحمل الكبير الذي نأى بحمله ذلك الرجل المسكين عندما عجز عن الكلام في لحظة من أصعب اللحظات على الرجال، لقد عبّرت تلك الدموع الغزيرة من رجل خمسيني عن معاناة نطق بها لسانه بعد أن جفت دموعه من البكاء ليلقي بالدفعة الأولى من همه الكبير على كاهل مدير الجمعية عندما شكا له من ثقل تلك الديون التي أصبحت له هماً بالليل وذلاً بالنهار، ديون أثقلت كاهله وأذلّت إنسانيته، وأهدرت كرامته، فأصبح طريداً ملاحقاً ليصله الاستدعاء الثالث من مركز الشرطة، الاستدعاء الثالث الذي يعني بداية البعد عن أبنائه وبناته وزوجه؛ حيث أصبح السجن يتراءى أمامه في كل لحظة.خرج مدير الجمعية مع هذا الرجل إلى منزله ليستكشف حاله، فإذا به يعول عائلة تضم عدداً كبيراً من الأبناء الذكور وبعض البنات، وإذا به يسكن في مكان يسمى تجاوزاً منزلاً، تتناثر بين أرجائه بعض قطع الفرش البالية يتناوب عليها أبناؤه في نومهم وجلوسهم، حظهم من النور مصباح كهربائي واحد متصل بسلك كهربائي مدلّى لهم من منزل أحد جيرانهم، وإذا بهم يتناوبون أيضاً على هذا المصباح كل على حسب حاجته من الغرفة إلى المطبخ إلى دورة المياه، فالكهرباء قد فصلت عنهم من أمد بعيد، وهي من أواخر ما يطمحون في الحصول عليه. وعند سؤاله عن سبب وجود أبنائه وبناته في المنزل مع أنهم في يوم دراسي أفاد بأنه الفقر والدَّين أعجزاه عن تأمين احتياجاتهم المدرسية.جال مدير الجمعية بنظره في أرجاء المنزل المتهالك وهو يتذكر حالات كثيرة مشابهة لهذه الحالة تمرّ عليه بين الفينة والأخرى تتحدث فيها الدموع بدل الكلمات، حالات محزنة لأفراد من أبناء جلدتنا يعيشون بين أظهرنا، نشبع وهم جياع، ونضحك وهم في بكاء، ننام وهم يتقلبون بين الهموم والأحزان، قد أضناها الجوع الشديد، تَبيتُ وبطونُها طاوية، وبيوتُها خاوية، لا تجد فتات الخبز، فمن لهم بعد الله إلا مَن أنار الله قلبه بالإيمان، ويسر له سبل البذل والإنفاق، واستشعر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه)، وقوله: (ما آمن بِي مَن باتَ شبعاناً وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به).والله الموفق لكل خير.

Imis1234@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved