| |
قراءة في كتاب (حكمة الجنرالات)
|
|
تختلف الحياة العسكرية عن الحياة المدنية - على المستوى العالمي - من حيث السلوكيات وأدبيات التعامل وبخاصة أسلوب التخاطب حيث يعتمد على: 1 - الضبط والربط. 2 - التزام الأوامر. 3 - البعد عن الجدل. ولهذا نجد أن للعسكريين دائماً لغة خاصة قل أن يتخلصوا منها عند انخراطهم في الحياة المدنية، خصوصاً الرتب الأعلى التي تعتمد قناة اتصال واحدة (من القمة في اتجاه الرتبة الأدنى). في (حكمة الجنرالات) التي نشرته مكتبة جرير مؤخراً لأحد ألوية الجيش الأمريكي كتاب قيم بحق حيث يعرض المؤلف أكثر من ثلاثمائة رأي لأكثر من مائة ضابط من جنسيات شتى (غير عربية غير إسلامية) في حوالي سبعين موضوعاً عاماً هاماً. هذه الآراء - كلها - أتت نتيجة تجربة حياة هؤلاء الجنرالات فغلب عليها الطابع العسكري، ولأن هناك أموراً كثيرة - أيضاً - تشترك فيها العسكرية والمدنية مثل: الشدائد - العدوانية - السلوك - الرعاية - الكفاءة - الإصرار - الشخصية - التنافس - اتخاذ القرار - الواجب- استثمار النجاح - الأمانة - القيادة - الطاقة البشرية - الأخطاء - حل المشاكل - المسؤولية - النجاح - الثقة بالنفس.. وغيرها، مما يفيد أي مسؤول - في موقعه - مما يفترض معه ألا تخلوا مكتبة أي مسؤول من هذا الكتاب، رأيت أن أقطف منه ما شاء الله لي أن أقطفه، وأنا على يقين أن هناك فائدة لا بأس بها، تُرتَجَى من ورائه. وقبل أن آتي عل هذه الآراء المنتقاة أود أن أوضح للقارئ الكريم: 1 - أن كل رأي اخترته كان شرطي الأساسي موافقته لما جاءت به الشريعة الغراء. 2 - احترام عقلية القارئ والمتلقي. 3 - قصر الاختيار على ما ترتجى فائدته في الحياة المدنية سواء كانت الحكمة بأكملها أو الجزء منها الذي ترتجى فائدته. 4 - لم يمنعني هذا المدح من القدح أو الإشارة إلى كل رأي - قاله من قاله - متى كان غير متفق مع الفطرة السليمة أو المنهج القويم، وها أنا ذا أوردها هنا على شكل ملاحظات عدة هي: 1 - ص 15 يقول: (إن من يسلك سلوكاً مناسباً من المستحيل أن ينتصر) والصواب - فيما أرى- أن من يسلك السلوك المناسب لحالته التي يكون عليها ينتصر) فمثلاً، السلوك المناسب للحاج هو الإحرام (1) أداء النسك (2) ألا يرفث (3) ألاّ يفسق، فيرجع من حجه كيوم ولدته أمّه، أليس هذا هو نصر الحاج ومرغوبه بنص الحديث الشريف؟ وأليس من يتوب ويؤمن ويعمل عملاً صالحاً يبدل الله سيئاته حسنات بنص الآية الكريمة؟ وأليس تبديل سيئات الإنسان حسنات هو غاية مبتغاه ودليل انتصاره على هوى النفس وشهواتها؟ والأمثلة أكثر من أن تُحصى! 2 - من 18 - 19 يقول: (عندما يكون الموقف غير واضح تصرف بجسارة) ويقول: (إن أحد القادة - في معركة موبيل باي - في 5-8-1864م وجّه بارجته إلى داخل حقل الألغام ليفتتح الطريق لقواته قائلاً: ليس هناك ما يؤكد أننا سنصطدم بألغام أخرى). وأرى أن الصواب: (عندما يكون الموقف غير واضح تصرف بحكمة) باعتبار أن الحكمة ضالة المؤمن، وأن الحكيم هو من يضع الشيء في زمانه ومكانه بعد أخذ الأسباب انطلاقاً من مفهوم قوله عليه السلام (اعقلها وتوكل). 3 - هناك غلطة كبرى ص 21 أعتقد أنها طباعية حيث يقول: (إذا أردت أن تكون قائداً حقيقياً لابد أن تضع دائماً مصالح من هم في إمرتك قبل مصلحتك الشخصية). أقول: (إن من معاني كلمة (يضع) الترك والتنحية والإهمال والتحريف خاصة إذا جاء لازماً غير متعدٍّ، ومن المؤكد أن ما يقصده المؤلف هو: أن تضع دائماً مصالح من هم في إمرتك نصب عينيك قبل مصلحتك الشخصية) وقد تكون غلطة ترجمة. 4 - يقول ص 23: (إننا - كبشر - نخشى التغيير أكثر من أي شيء آخر) أعتقد أن الأمر كان يحتاج إلى توضيح أكثر فالنفس البشرية بطبعها تميل إلى كل جديد، وهذا الميل في حد ذاته هو التغيير، وهناك شريحة تكره التغيير وتخافه وتخشاه، وهم شواذ، وأساس الحكم يبنى على القاعدة لا على الشواذ. والشيء المدهش حقاً أن يقول المؤلف - في الصفحة اللاحقة - ص 24 (إن التغيير في البيئة شيء حتمي ولذلك يجب علينا أن نؤقلم أنفسنا على هذا التغيير وإلا فشلنا). أما عن حكمة ما قاله هؤلاء الجنرالات فأسوق منها ما يلي: 1 - ليس الاختبار الحقيقي هو أن تنجح دون شدائد، وإنما أن تحقق النجاح في وجودها (ص11). 2 - إذا كنت حقاً تريد شيئاً.. اسع إليه.. لا تدع أحداً يثبط عزيمتك (ص 17). 3 - إذا لم نقبل التغيير ونشجعه فسوف ينتهي بنا الأمر إلى الفشل. 4 - عندما تجتمع الشخصية مع القدرة يولد القائد العظيم في أي تخصص. 5 - التلاحم هو أهم العناصر المؤثرة في إنتاج المؤسسات. 6 - إصدار الأوامر هو الجزء السهل في عملية القيادة. 7 - أنت تفوض سلطتك أما مسؤوليتك فلا. 8 - لا تتخذ قراراً مهمّاً وأنت محبط أو متعب. 9 - الشك أحد أهم العقبات التي تعترض طريق النجاح. 10 - لا تفعل الشيء الذي لا تريد للآخرين أن يفعلوه، وافعل ما تريد منهم أن يفعلوه. 11 - الفشل حدث مؤقت، يجب أن يكون مجرد درس في طريقنا لتحقيق النجاح. 12 - الخوف المعنوي يتم التغلب عليه بالتفكير، أما الخوف المادي فيتم التغلب عليه بالأفعال. 13 - كن مرناً ولا تعتمد كثيراً على فرد واحد في خططك. 14 - ركز تفكيرك في الأهداف الكبيرة أما الصغيرة فستُحل تلقائياً. 15 - لا تقلل من جدوى الأمل وضع ثقتك في الله. 16 - المرح أسلوب فعّال في الإدارة والقيادة لكنه يعطي نتيجة عكسية إذا بالغنا في استخدامه. 17 - التخيل لا غنى عنه لتحقيق الأهداف. 18 - الموت شيء حتمي لكن السمعة الطيبة لا تموت. 19 - الحكم الصائب يأتي من الخبرة، والخبرة تصنعها الأخطاء. 20 - كلما زاد قدرك في الحياة زادت مطالبتك بتحري العدالة. 21 - التعلم المستمر هو الذي يفرق بين النجاح والفشل. 22 - استخدم أخطاء مرؤوسيك في تنمية قدراتهم لا في إحباطهم. 23 - لا تطرق الحديد وهو ساخن ولكن اجعله ساخناً بطرقك إياه. 24 - المعدات لا شيء بدون الرجال. 25 - الثقة أثمن عملة يمتلكها أي قائد. 26 - الوقت سلعة لا تسترد فلا تهدرها. 27 - إذا كان أسلوبك جافاً فلن تحقق شيئاً. 28 - إذا كنت تريد النجاح أعد نفسك له. 29 - لا شيء يتحقق في الحياة بدون ثمن. 30 - مؤسسة بدون قيم تحكمها مثل قارب ضائع في المحيط بدون دفة. 31 - إذا لم تكن تستطيع أن تسيطر على نفسك فلا تتوقع أن تتمكن من السيطرة على الآخرين. كانت هذه خلاصة قراءتي لهذا الإصدار الجيد الجديد من إصدارات مكتبة جرير الذي يحوي خلاصة أفكار وخبرات شريحة عظمى من قادة وجنرالات هذا العالم، وهي بلا شك فيها - إن شاء الله نفع كبير- وليس هذا يعني أننا نفتقد هذا الأمر فيما حوته كتب السيرة والتاريخ وأمهات الكتب التي بين أيدينا وخلاصة أفكار علماء الأمة ومفكريها، لأنني لم أعقد مقارنة بين هذي وتلك، فقط قمت بتقديم خلاصة قراءتي لهذا الكتاب فمن شاء فليطلع ومن رغب فلا قيْد ولا فرْض.
حمدين الشحّات محمد - ص. ب 1726 بريدة
|
|
|
| |
|