| |
دروس من حياة عظيم فهد بن سليمان التويجري(*)
|
|
كثيراً ما أقرأ في سير وتراجم الخلفاء والعظماء في أُمّتنا، أقلب كتب التاريخ وصفحات السِّير، أدهشتني الأحداث!! واستوقفتني النوازل العظام! التي مر بها ثلّة من عظمائنا، ولئن كانت الأُمّة اليوم تمر بأحداث جسام، وأمور عظام، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، فإنّ ما مر فيما سبق أشد وأخطر وأعظم وأفظع. فقد مرت حروب طاحنة، وأزمات متوالية، وفتن متتابعة، في الحقيقة إنّني نظرت في التراجم والسِّير مرات ومرات، وكتب التاريخ كالبداية، وتاريخ الأمم والملوك والطبقات، والكامل ... إلخ، فلم يستوقفني عظيم، ويدهشني زعيم، ولم يؤثِّر فيّ أمير كعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكلما حاولت أن أبحث في سيرة عظيم غيره رجعت أدراجي رغماً عني، لتناول سيرته، وقراءة حياته، والانتفاع من جهاده، حياته عظيمة، وأيامه عجيبة!! ويكمن السر في عظمته، الأحداث الجسام التي مر بها، لقد شارك مع رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في جهاده، ثم كانت الفتن بعد الخليفة عمر - رضي الله عنه -، بداية من مقتل الخيلفة عثمان - رضي الله عنه - ثم معركة الجمل ثم وقعة صفين، وكلها عاشها الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ثم نهايته المؤثرة والموجعة!! مع أنّه نازل كثيراً من الأشداء والأقوياء من أهل الملل الأخرى من اليهود والوثنيين وغيرهم، إلاّ أنّ نهايته كانت على يد أحد المسلمين الضالين المارقين، إنّه أحد عناصر الفئة الضالة (الخوارج). وهذا شيء غريب ومخيف، ولكن الحكم لله العلي القدير. لعل من فوائد حياة هذا الإمام العظيم التالي: 1 - صاحب الحق قد لا يرضي الأكثر (الإمام علي أكثر الناس في زمنه خالفوه مع أنّ الحق معه كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -). 2 - أهل الكفاح والنضال هم أكثر الناس صبراً على بني جلدتهم وأهل دينهم فإنّ الإمام علي - رضي الله عنه - تحمّل من الثوار والخوارج الشيء الكثير وكان استشهاده على أيديهم. 3 - خطر البدعة، وإنها أشد من المعصية، فإنّ الإمام علي - رضي الله عنه - واجه بدعة الخوارج وكانت من أشد الأمور عليه. 4 - الطائفة الضالة لا تريد إصلاحاً، أو إماماً عادلاً، وأميراً صالحاً ولو كانوا يريدون ذلك لارتضوا أفضل الأُمّة في زمنهم الإمام علي - رضي الله عنه -. 5 - الاستمرار في مواجهة الفتن مهما تعاظمت وتكاثرت، ومهما كثر المخالفون وهذا الإمام يواصل المواجهة مع أهل الشام ويقول: (لن أترك الحق الذي معي للظن الذي عند أهل الشام). 6 - التمسك بالحق مهما كانت النتائج، فالعبرة بالثبات على المبدأ الصحيح وهذا ما فعل الإمام علي - رضي الله عنه -. 7 - الناس بين إفراط وتفريط في التعامل مع الآخرين، وهذا ما حصل في التعامل مع هذا الإمام. 8 - وجود الخلاف والاختلاف في الأُمّة قديماً ولم يؤثر هذا في سيرة الإمام، من حيث القعود أو القنوط. 9 - الخلل الداخلي أخطر على الأُمّة من العدو الخارجي، وهذا واضح في فتنة الخوارج. 10 - الذي يحبه الله قد لا يحبه أكثر الناس (وقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ الله ورسوله يحبانه) ومع ذلك أبغضته الخوارج والنواصب، وظلوا يسبونه على المنابر. 11 - الفلاح ليس بالاجتهاد في العبادة فقط، وإنّما في سلوك طريق الحق، وهكذا الخوارج كانوا أكثر الناس عبادة ولكن...!! 12 - الاعتدال والاتزان في محبة أي شخص كائناً من كان. 13 - لا يصح إلاّ الصحيح، مهما لبس الملبسون، وزوّر المزوِّرون، فإنّ بعض بني أمية (النواصب) صنعوا في إعلامهم غير الحقيقة لتشويه صورة هذا الإمام ولكن انكشف الغطاء وظهرت الحقيقة بعد ذلك.
(*) المجمعة
|
|
|
| |
|