| |
عناوين متعددة والجريمة واحدة
|
|
تستعد إسرائيل لجولة جديدة من المذابح في غزة، وهذه المرة تحت عنوان (الحرب الشاملة على حماس)، وكانت آخر المذابح في أوائل الشهر الجاري تحت اسم (غيوم الخريف) وقبلها كان هناك عنوان آخر، ومن ثم تتعدد المسميات لكن السيناريو هو ذاته في كل مرة، والهدف هو عملية إبادة منظمة للشعب الفلسطيني بحماية دولية وفيتو يزيح كل العوائق أمام تشريع هذه المذابح وإكسابها الوجه القانوني. وبينما تنشغل المنطقة بمآسي العراق ولبنان، فإن إسرائيل تمضي قدماً في ممارساتها الدموية اليومية، لكنها ومن باب تغيير (الروتين) فإنها تضفي بعض المسميات على مذابحها مع حرصها على تقديم مبررات جديدة في كل مرة، وعندما ينتبه الآخرون في أنحاء المنطقة إلى فلسطين ستهولهم حقيقة أن كل هذا العدد من الفلسطينيين قد سقطوا قتلى في بضعة أيام. ومن ثم تبدأ رحلة البحث في مجلس الأمن عن حل ما أو إدانة لهذه الفظائع، وهنا يكون الفيتو الأمريكي متربصاً بكل محاولة تسعى لتجريم إسرائيل، بينما تتناثر التصريحات في كل مكان بأن إسرائيل إنما تقوم بما يلزم للدفاع عن نفسها، لكننا نلحظ بوضوح كم أن عدد الأطفال والنساء كبير في قوائم الضحايا، ومع ذلك فعلى الجميع ازدراد الأكاذيب المنتشرة حول الدفاع عن النفس وذلك الفيتو اللعين الذي يستعصي على البلع. تتابع الأحداث والوقائع بهذا الشكل المؤسف والمحبط يسهم فقط في تعقيد مساعي التسوية المتعثرة أصلاً، ويتيح في الوقت ذاته لانفلات واسع النطاق، فضلاً عن التناقضات التي يدفع بها إلى الساحة الفلسطينية التي يفترض انها قوية متماسكة ومتوحدة إزاء هكذا جرائم لكنها بالكاد تتوافق على ثوابت القضية، فالتباعد في الرؤى هو سيد الموقف على هذه الساحة. ومن المؤسف حقا أن تتوالى المصائب على الشعب الفلسطيني دون أن يكون قادراً على مواجهتها بإرادة موحدة وجبهة قوية، فعلى مر العقود بنى الفلسطينيون وهجهم السياسي من صمودهم وإصرارهم على النضال، وطوال كل تلك المدة كانت المهام السياسية والنضالية تتم تحت رايات متعددة لكنها متوافقة بشدة على الثوابت، لكن الوضع الحالي يهدد بانفراط واسع، مع التلكؤ حتى في تشكيل الحكومة، بل وتبادل اطلاق النار في شوارع غزة إلى جانب الاتهامات المتبادلة حول مؤامرات تصل إلى مستوى محاولات الاغتيال. وكل ذلك يصب في رصيد العدوانية الإسرائيلية التي لا يمكنها أن تحلم بمثل هذه الشروخ في الجسم الفلسطيني إلى الدرجة التي تتيح لها التسلل بين الفصائل والتنظيمات بكل سهولة وإذكاء نار الخلافات وتدبير الاغتيالات التي تسهم في صب المزيد من الزيت على نار الخلافات بسبب غموضها المقصود من قبل إسرائيل لتوسيع دائرة الشك والريبة والتباعد بين الأشقاء.
|
|
|
| |
|