| |
جامعتي التي أحبها.. وسأظل.. جامعاتنا بين من يحب ومن يكره.. د. علي بن شويل القرني(*)
|
|
على الرغم مما قِيل ويُقال عن الجامعات السعودية، إلا أننا نطمئنكم أن جامعاتنا الوطنية في بلادنا لها حضورها الدولي ومشاركاتها العالمية، فقلَّما تجد مؤتمراً يغيب عنه أحد أعضاء هيئة تدريس إحدى الجامعات السعودية، سواء أكان هذا المؤتمر في الصين أو أمريكا أو أوروبا أو آسيا، أو في أي بلد عربي.. وهذا التّواجد للسعوديين في مختلف المحافل العلمية هو حضور مستمر.. يعكس عُمق المعرفة، ورغبة المشاركة لأعضاء هيئة التدريس السعوديين في كل جديد ومفيد في المؤتمرات والندوات الدولية. ونطمئنكم على أن جامعاتنا بخير، لأن ما نبثه ونقرأه في محاضراتنا وفصولنا الدراسية هو نفس ما يُقال ويُبث ويُقرأ في أرقى الجامعات العالمية.. فنحن على اتصال دائم مع زملاء مهنة التدريس، ونعلم ما يدرس وما يقرر على طلاب الجامعات الأخرى.. ويكفي القول بأن زملاءنا أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا - معظمهم - مطلعون على أحدث ما يُنشر ويُبحث في مجال تخصصهم، ولهذا فإن مضمون هذه المقررات والمضامين التدريسية هي في مستوى عالٍ من المعرفة والاطلاع والقوة والتأثير.. فلتحاولوا أن تناقشوا طلاب جامعاتنا السعودية في مجال تخصصاتهم، ويجب أن يكون الحكم على الأغلبية، وليس الأقلية التي قد تكون استثناء غير منصف تعميمه على تجربتنا الشاملة. الجامعات السعودية منذ سنوات قليلة وهي تحاول بجد وطموح أن تتغيَّر نحو الأفضل على المستوى العلمي، حيث يتم الآن إعداد وتجهيز الأقسام الأكاديمية لتدخل مرحلة جديدة من التطور النوعي في خططها وبرامجها وبحوثها ونتاجاتها.. ونظام الاعتماد الذي دفعت به وزارة التعليم العالي، هو حرص منها على أن تبدأ الجامعات في القيام بدورها في التطوير النوعي، للأساتذة والطلاب والمكتبات والخدمات البحثية والمخرجات المختلفة من الجامعة.. وكل قسم من الأقسام الأكاديمية حالياً، ومنذ فترة غير قصيرة يعيش أجواء تحوُّل جديد تدخل بموجبه جميع عناصر العملية التعليمية في سباق من أجل أن تحصل على الاعتماد الأكاديمي. وعلى سبيل المثال هنا، فجامعة ضخمة مثل جامعة الملك سعود بأكثر من سبعين ألف طالب وطالبة تتقدم على أكثر من تسعين في المائة من الجامعات العالمية في أعداد الطلاب، مما يثقل كاهلها، ويجعلها دائماً في تحدٍ وسباق في استيعاب الأعداد البشرية التي تموج بها الجامعة كل صباح ومساء.. وهذه الأعداد الكبيرة من المقبولين هي نتاج طبيعي لدور الجامعة في خدمة المجتمع، فلم تقف مكتوفة الأيدي، وهي ترى مئات الألوف من خريجي الثانويات بدون مقاعد دراسية.. ولهذا تحاول في كل عام، بل في كل فصل دراسي أن تعصر نفسها، وتضغط ظروفها لاستقبال أبنائنا وبناتنا المستجدين في مختلف تخصصات الجامعة.. وجامعة الملك سعود نموذج من نماذج أخرى جامعية في بلادنا تعمل على تحقيق خدمة المجتمع، وتسعى إلى أن تضع حلولاً لإحدى مشاكل الشباب في بلادنا.. وعلى الرغم من هذا التكديس البشري في هذه الجامعات، لم نسمع إطلاقاً أن هذا التحمُّل جاء على حساب نوعية التعليم، بل إن التوجيهات دائماً هي أن نعمل نحن أعضاء هيئة التدريس على مضاعفة الجهد وبذل الوقت من أجل أن نحقق الهدف التعليمي في الجامعة. ونعلم بكل تأكيد أن تطلعاتنا عالية جداً، وأحلامنا لا تحيطها حدود ورغباتنا هي أن نستمر دائماً إلى الأفضل، ونرتقي إلى أعلى درجات سلالم المجد العلمي، ولهذا فعندما نتحدث عن مساحات جديدة لم نصل لها، ومواقع مختلفة لم نقفز إليها بعد، فلا يعني هذا أننا نسحب كل ما تحقق من نجاح، وننسف كل منجزات بُنيت.. فعملية البناء تتطلَّب أن نعمل، وأن نتواصل في العمل، ونتواصل كذلك في مقترحات ومراجعات وتفكير جديد من أجل أن نرتقي دائماً.. ونتطوَّر بصفة منتظمة. ما دار من نقاش وجدل حول تقييم الجامعات السعودية أنظر إليه من زاويتين، أولاهما، البعض القليل وجد في هذا التقرير ضالته التي يحاول أن يحقق من خلالها مبتغاه في توجيه النقد غير البنَّاء، وغير المُنصف في حق جامعاتنا الوطنية.. وهذا البعض القليل جاوز الصواب ونال من كيانات وطنية شامخة في مجتمعنا السعودي.. أما البعض الآخر فقد وجد مناخ الحديث والجدل مناسبة لاستنهاض الحديث عن فرص التطوير ومجالات الطموح ومناخات العمل في مزيد من النجاح لجامعاتنا ومزيد من البناء لهذه المؤسسات.. ومشكلة التقرير - التقويم الذي ضخَّته بعض الأصوات إلى المجتمع السعودي جاء - وكأنه - ليثير بلبلة وتشويشاً على صورة جامعاتنا الوطنية.. ولا يُمكن أن نعتمد على تقرير له هدف محدد ومبني على معايير تقييم غير علمية، وليست ضمن معايير الاعتماد الأكاديمي الموجود في منظمات الاعتماد الأكاديمية.. فنحن نعرف هذه المعايير تماماً، وعلى تواصُّل مع منظمات تعمل لهذا الهدف، والتي مرَّ عليها أكثر من ستين عاماً وهي تطوِّر مثل هذه المعايير.. ولهذا فإن الاحتكام إلى معايير غير مؤسسة على قواعد علمية لا يُمكن أن تحمل أي مصداقية في التقييم والترتيب. وختاماً، أعود إلى أن الجامعات السعودية هي ثروة وطنية كبيرة، وهي شاهد التنمية الأول على نجاح بلادنا ومجتمعنا في مشروع التنمية الوطنية.. وأذكر في مناسبة أن أحد السياسيين في دولة أجنبية جاء إلى المملكة، وفي حديثه مع بعض الأكاديميين تحدث بافتخار شديد على أن في بلاده جامعة يصل أعضاء هيئة تدريسها عشرات الأساتذة من الكفاءات الوطنية.. فما كان من أحد الزملاء إلا أن واجهه بحقيقة.. فخامة الرئيس: إن ما تفتخر به في جامعتكم ليس إلا إنجازاً قد حققناه في قسم واحد من أقسام جامعتنا، ويُوجد في هذه الجامعة أكثر من مائة قسم.. ويُوجد لدينا العديد من الجامعات.. فلم تستطع هذه الشخصية إلا أن تُعبِّر عن إعجابها بحركة التعليم في المملكة، واستثمار الدولة في بناء هذه المؤسسات التعليمية الكبرى.
*رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال - أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa |
|
|
| |
|