| |
التغير والتغيير فهد بن سليمان التويجري(*)
|
|
الإنسان متغير بطبعه، ومراحل حياته شاهد على ذلك سببه؟ وعقله وفكره اللذان يكبران مع كبره، فالإنسان في هذا العصر فكر وابتكر، وأبدع وابتدع، فتغير وغيّر وقدّم وتقدّم فأصبح متغيراً ومغيراً، مؤثراً ومتأثراً، وهذا شيء عظيم نشاهده في عصر التقنية الحديثة، عصر التقدم العلمي المذهل، نعم لقد شهدنا ما أذهل عقولنا وحير فكرنا، وأدهشنا نحن بني البشر، لقد صنع الإنسان ما يقدمه وما يؤخره، ما يعمر وما يدمر، ما فيه الخراب وما فيه الدمار، وفيه التقدم وفيه التأخر. لقد خدموا أنفسهم، كما دمروها بما يصنعون، ولو رجعنا إلى الوراء لوجدنا أن العالم القديم وإلى ما قبل مائة عام أو أكثر تقريباً كانت حياة الإنسان متماثلة في الجملة، حيث الأوضاع وما يستخدمه وما يصنعه، وما يقتنيه وما يركبه، ثم حصل هذا التحول لبني البشر في جميع المجالات، وعشنا حياة لم يسمع بها الأولون فضلاً عن أن يعيشوها. وكل ما تقدم لا يعنيني، إنما مقصودي في التغير والتحول الذي نلمسه في مجتمعنا الإسلامي الذي يسعى من أجل تطبيق الإسلام على الواقع التغير في التعامل مع الآخرين أياً كانوا، التغير في التعامل مع المجتمع مع المرأة مع الثروة (المال) مع النفس مع أهل الأديان الأخرى.. الخ. والحق أن الأكثر منا على طرفين فمنا الغالي ومنا الجافي ومنا من يريد أن يظل على ما هو عليه وإن كان خطأ أو مرجوحاً، ومنا من يريد التحرر من قواعد الشرع وآداب الإسلام كردة فعل. كنا بالأمس القريب نتعامل مع النفس مع العبادة مع المسؤول مع المرأة مع الابن مع الجار مع أهل الديانات الأخرى.. الخ، بشيء من الجمود إن صح التعبير فتحولنا مائة درجة. فمثلاً المرأة بالأمس لا تذكر في مجلس أو محفل ولا يعتد بها، ولا ينظر في حقوقها، ولا يخصص لها أي شيء (هذا فعل المجتمع والإسلام براء) فانقلبت الأمور رأساً على عقب فأصبح الحديث لها وعنها وحقوقها.. الخ، ونسيت الأمة قضاياها ورجالها وشبابها.. الخ. مع أهل الديانات الأخرى كنا نقول لا حق له!!، فأصبحنا اليوم نقول هو الصديق والأخ.. الخ. النقد.. كنا بالأمس نرى النقد ذنباً وجرماً وخطيئة، حتى لو كان نقداً بنّاءً يصب في مصلحة الوطن والمواطن وخدمة للإسلام والمسلمين. فأصبحنا والنقد هو السائد في صحفنا وإعلامنا ومجالسنا.. الخ. مع المسؤولين.. كان المسؤول بمثابة المعصوم، نعظمه ونجله أياً كانت مسؤوليته، ولا نسمح لأنفسنا أو غيرنا بأن يعيبه أو ينقده بأي شكل من أشكال النقد، فأصبحنا اليوم نتفنن في نقده وجرحه وإيذائه. العبادة.. الصلاة مثلاً: كانت حديث العلماء عن مكانتها وكونها تقام جماعة وأن حضورها في المسجد شرط من شروط صحتها، فأصبحنا اليوم وكأننا نقول الصلاة في المسجد والبيت سيان، وهكذا الأمثلة كثيرة، نعم لقد تغيرنا كردة فعل لما كنا عليه، ما أحسن التوسط في الأمور كلها فلا إلى ما كنا ولا إلى ما نفعله اليوم بل يجب أن نكون بين بين، نتغير ونتحول بدون أن نتخطى نقطة الوسط، فيا أخي القارئ أبسط قولك وفعلك وكتابك على هدى من الله ولكن ليس كل البسط.
(*) المجمعة
|
|
|
| |
|