| |
أمة القرآن أمة وسطا مشبب بن أحمد بن سعد آل مشهور
|
|
الوسطية في اللغة: جاء في القاموس المحيط: (الوَسَطُ) من كل شيء أعدله، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) أي عَدْلاً خياراً. وجاء في المعجم الوسيط: تَوَسَّطَ، أخذ الوسط، وَوَسَطَ الشيء ما بين طرفيه والوسط المعتدل من كل شيء، والوسط العدل والخير وفي التنزيل (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا): عدولاً وأخياراً. وهو من وسط قومه: من أخيارهم. والوسطية في الثقافة الإسلامية هي كما في تفسير ابن كثير تحمل المعاني التالية، أمة وسطاً: خيار الأمم، شهداء على كل الأمم يوم القيامة، والأجود من بين الأمم.. ولذا قيل: قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي خيرها، كما قيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه: أي أشرفهم نسباً، ومن ثم سميت صلاة العصر الصلاة الوسطى أي أفضل الصلوات.. كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ويضيف قول ابن كثير: (ولما جعل الله هذه الأمة وسطاً، خصها بأكمل الشرائع، وأقوم المناهج، وأوضح المذاهب. وفي الحديث عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدعى نوح يوم القيامة، فيقال له: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد، فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته، قال فذلك قوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا). قال: والوسط العدل، فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم) رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة ولم أجد معنى أفضل للوسطية في الثقافة الإسلامية من معنى جاء في ظلال القرآن لسيد قطب - رحمه الله-.. فقد قال ( وإنها للأمة الوسط بكل معاني الوسط سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط بمعنى الاعتدال والقصد، أو من الوسط بمعناه الحسي) فأمتنا بهذه المعاني: (أمة وسطاً في التصور والاعتقاد، لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي). (وهي أمة وسطاً في التفكير والشعور لا تجمد على ما عملت فتغلق منافذ التجربة والمعرفة) ويضيف سيد قطب القول: (أمة وسطاً في التنظيم والتنسيق، لا تدع الحياة كلها للمشاعر والضمائر، ولا تدعها كذلك للتشريع والتأديب، إنما ترفع ضمائر البشرية بالتوجيه والتهذيب، وتكفل نظام المجتمع بالتشريع والتأديب وتزاوج بين هذه وتلك). إذاً فالوسطية كمصطلح إسلامي هي ثقافة العدل، التي تعطي لكل شيء حقه، ولكلّ موقفٍ ما يناسبه من اللين أو الحزم أو الجزم والقوة، فالوسطية في الثقافة الإسلامية ليست أن تلين حتى تذوب، فيما المناسبات تحتاج إلى قوة وحزم وجزم، ولا أن تهدر وتغضب وتزمجر في المناسبات التي تحتاج إلى الرفق واللين. إذن فالوسطية هي الخيار العدل المعتدل المبتغي الخير والحق لصاحبه وللناس، لا يرق حتى يُكسر، ولا يشتد حتى يظلم.. (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا).. لتكونوا الحكم العدل بين الناس بما حباكم الله من مناهج وشرائع وأخلاق وآداب هي قمة العدل والخير للإنسانية في دنياها وآخرتها.. وذلك من دون إفراط ولا تفريط.
|
|
|
| |
|