| |
رداً على إبراهيم التركي المعاهد العلمية لا تقر أي سلوك خاطئ
|
|
(في متاهة التفاصيل) قد يضيع (العارفون)... تحت ذلك العنوان كتب إبراهيم بن عبدالرحمن التركي مقاله في جريدة الجزيرة يوم 10 شوال 1427هـ ص 33 وقرأت السطور المكتوبة تحت (في متاهة التفاصيل) فوجدت أنّ من حقي أن أعلق عليها بما يلي: 1 - لا أدري كيف يمكن الربط بين ما قاله الشيخ محمد عبده وتلميذه محمد فريد وجدي وجورج طرابيشي وعبدالرزاق عيد وغيرهم ممن ذكر الكاتب أسماءهم وبين الواقع الذي ذكره ومنه: (وكان فينان يطيل شعره ويحد سوالفه ونتبادل كلمات الأغاني (وبالأخص ما يكون على شكل قصائد لأم كلثوم ونجاة وفايزة أحمد) وربما كتبنا بعضها على السبورة ولم نشهد تظاهرات وعظية في معهد ديني لن يلام من علا صوته بتوجيه أو حتى بإنكار)..!! أخي الكريم: أنا أعرف المعاهد العلمية جيداً منذ نشأتها وأعرف جيدا أنها لم تكن تُقرٌّ أي سلوك خاطئ لدى طلابها - مثلها في ذلك مثل بقية المدارس والكليات في بلادنا كلها.. والقول في جواز أو عدم جواز سلوك معيَّن ليس متروكا لرأي مدرس يحمل توجهاً معيناً.. بل كان أبو المعاهد العلمية وواضع مناهجها ومن يعين أساتذتها هو الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ -رحمه الله تعالى- ويعينه وينوب عنه أخوه الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم - رحمه الله تعالى- ووالدي -حفظه الله- ممن درس على يدي الشيخين في المعاهد العلمية وفي المسجد، ولم يكن لما ذكرت من سلوكيات خاطئة أي وجود لا سابقاً ولا لاحقاً!!. 2 - قال الأستاذ إبراهيم: (أشار باحثون إلى أن الفتاوى التي تصدر في هذا الزمن تعادل ما صدر من فتاوى طيلة التاريخ الإسلامي في كل عصوره)..، وقد استطاع الكاتب بمهارته المعهودة أن يخلص نفسه من هذا الزعم بقوله (أشار باحثون) وليته تكرَّم علينا بذكر أسماء الباحثين والمصدر الذي نجد فيه نتائج بحوثهم ونُفيد من طريقتهم في البحث؟!! وإذا كانت الأسماء غير معروفة فليسمع (صاحبنا) الفاضل أنَّ ما ذكره غير صحيح وذلك لأمور منها: أولاً: أن الفتاوى التي يصدرها علماؤنا اليوم لا تصدر ابتداءً بل إنَّ أكثرها نقل لفتاوى قال بها علماء السلف من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان إلى عصرنا الحاضر.. والفتاوى في الأمور الجديدة الحاثة في عصرنا الحاضر تكاد تعد على الأصابع. ثانياً: في الفقه الإسلامي ما يسمى (فقه النوازل) وقد تضمنته كتب الفقه القديمة وفيه يفتي العلماء اليوم بما يرونه في ما يجد من أحداث قياساً على ما شابهها في العصور السابقة وأقرأ في ذلك كتاب فقه النوازل للشيخ بكر أبوزيد وكتب أخرى في فقه النوازل ابتداء من القرن الرابع الهجري. ثالثاً: وإذا كان الأخ إبراهيم يقصد الفتاوى التي ترد في القنوات الفضائية وفي الصحف وغيرها من وسائل الإعلام وتصدر من غير المؤهلين تأهيلاً شرعياً قوياً فهذه لا تحسب علينا ولا تعاب بها مؤسساتنا الشرعية ومراجعنا العلمية.. وأتفق مع الأخ الكاتب على أنَّ تلك الفتاوى أصبحت تشكل خطراً على ثقافتا وأخلاقنا وأفكار أبنائنا وهي (متاهة) في إجمالها و(تفاصيلها). 3 - والأخ إبراهيم وهو رجل مؤهل علمياً ومدير تحرير، من حقنا أن نطالبه بالإنصاف والواقعية. وإذا أمكن أن يستصحب الإنصاف والواقعية فإنَّه واجدٌ أن (التفاصيل) مهمة كأهمية الأصول والأركان.. وله أن يقيس ذلك على أي أمر من أمور الحياة وعلى هذا نقول: كم نأمل أن تتسع صدورنا لقبول الرأي الفصل والاتفاق عليه ونبذ الخلاف والاختلاف.. وكم يسعدنا أن تخلو لقاءاتنا من الفرقة التي يجلبها اجتهاد المخالف وهوى المعتد برأيه!! 4 - بقي أن أقول: إنَّ هناك فرقاً كبيراً بين أن يختار الفرد منا رأياً في الفروع أو ما أسميتها (التفاصيل) مما لا يتعارض مع نص شرعي صحيح ويطبقه في حياته وبين أن يفرض ذلك على الناس أو يعيب المخالفين له ويصفهم ب التشدد والتقوقع والجمود، لأنني وأجزم أنك لا تطيق أن توصف أحكام ديننا بتلك الأوصاف الثلاثة. أما ما ختم به المقال فلربما كان فيه خطأ مطبعي حيث ورد (ولعل المثل الغربي الزائع لم يعد الحقيقة حين قال: إن الشيطان يمكن في التفاصيل..! التيه متاهات. و(لعل الخطأ) في كلمة (يمكن) وصحتها يكمن.
عبدالعزيز بن صالح العسكر
|
|
|
| |
|