Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/11/2006G Issue 12458محليــاتالثلاثاء 16 شوال 1427 هـ  07 نوفمبر2006 م   العدد  12458
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

مزاين الإبل

دوليات

متابعة

منوعـات

القوى العاملة

شعر

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

دفق قلم
تدفَّقْ كالنَّهر
عبدالرحمن صالح العشماوي

الإنسان (الجامد) لا يستطيع أن يسعد نفسه، ولا الآخرين، ولا يستطيع أنْ يستوعب معاني الحياة المتجدِّدة، ولا يستطيع تبعاً لذلك أن يبدع إبداعاً يزيد الحياة تجدُّداً وتألُّقاً.

الماء الراكد عُرْضةٌ لتغيُّر اللون، والطعم، والرائحة، وإذا طالت فترة ركوده تحوَّل إلى مصدرٍ حقيقي للأمراض والعلل، وكذلك الإنسان الرَّاكد الجامد الذي لا ينطلق في ملكوت الله تفكُّراً وتذكُّراً، وتعلُّماً وتعليماً، وتأمُّلاً واعتباراً.

النهر جميل نقيٌّ يُطرب صوت مائه القلوب، ويُروي ماؤه النقي ظمأ النفوس، ويغسل أدران الأجساد، ويسرُّ جماله عيون الناظرين، وهو إلى جانب ذلك سببٌ من أسباب الخصب والنماء، تنتشي على ضفتيه الزهور والأشجار وتفرِّد في جانبيه العصافير، وتعوم الشمس في مائه وهي في أجمل حالات النقاء والصفاء، أما نجوم الليل والقمر الوضَّاء فهي لا تملُّ من معانقة مائه الرَّقراق الجميل.

الإنسان المتحرِّك إنسان حيٌّ حُرٌّ مبدع، إنسان يأخذ من الحياة ويعطيها، يسعى في مناكبها، يركض في آفاقها الرَّحبة، يعمل، ويبني، ويُصلح، ويصيب ويخطئ، ويسرع ويبطئ، لأنه يعيش في كونٍ متحرِّك، كونٍ لا يملُّ الحركة، ولا يُحبُّ السكون.

إنَّ البركة في السعي والحركة، شريطةَ أن يكون السعي منضبطاً بضوابط القيم والأخلاق، وأن تكون الحركة نحو الأفضل والأجود والأجمل، فكم من سعيٍ أدَّى إلى هلاك، وكم من حركةٍ طائشةٍ أفضت بصاحبها إلى خمود وسكونٍ مخيف.

لقد رسم الله سبحانه وتعالى للإنسان معالم وملامح السَّعي الصحيح والحركة النافعة، وأرسل من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام من أرشد التائهين من البشر إلى طرائق ووسائل السَّعي الناجح والحركة المفيدة، فلم يعد لدى الإنسان المتقاعس عذر، ولم تعُدْ لدى الإنسان المتهوِّر المتجاوز للحدود حُجَّةٌ يحتجُّ بها على ربه إذا أوْدى به سَعْيُه، وصرفتُه حركته العشوائية عن الطريق السليم.

الكون كلَّه حَرَكة دائبة، مجرَّات، وكواكب، وأفلاك وكائنات حيَّة مختلفة الأجناس والألوان والأحجام لا تسكن، ولا تتوقف ولا تعرف الجمود، والإنسان أولى من غيره بالحركة والسعي لأنه يملك عقلاً يستطيع به أن يبني، ويملك روحاً يستطيع بها أن يرقى، ويملك معرفة متوارثة يستطيع أن يحقِّق بها المعنى الصحيح للسعي والحركة.

لفت نظري مجموعة من الشباب يجتمعون كلَّ يومٍ في زاويةٍ من زوايا الحيِّ الذي يسكنون فيه، لا يكادون يتخلَّفون عن ذلك المكان أبداً، جلسة تبدأ عصراً وتنتهي في وقتٍ من الليل لا أعرفه، عشرات الرجال يمرُّون بهم، وربما يسلِّمون عليهم، وعشرات السيارات تغدو أمامهم وتروح، وهم في زاويتهم يتحدثون، ويتصايحون ويتضاحكون، ويتعاركون، برنامج يومي لا يكاد ينقطع، وحركة دائبة ولكنها ضائعة لا فائدة منها.

سألت نفسي: يا تُرى لو وجِّهت حركة هؤلاء الشباب توجيهاً صحيحاً أكانت أوقاتهم ستضيع هَدْراًً بهذه الصورة؟ إنها حركة دائبة، وسعي متواصل، ولكنَّ الفائدة ضئيلة، إن لم تكن معدومةً على الإطلاق.

إذنْ، لا بد أن نعلم أن من الحركة والسعي ما لا يفيد، وأنَّ تدفُّق الإنسان في حياته تَدَفُّق النَّهر الجاري هو الذي يمكن أن يفيد، وهل يكون تدفُّق النهر إلا جميلاً مفيداً؟

الإنسان المتوقف عِبْءٌ على نفسه وعلى أهله وعلى مجتمعه وأمّته، وإنما يفيد ويستفيد من كان في حياته متدفِّقاً كالنهر الجاري.

عمر رضي الله عنه يؤكد أنه يرى الرجل فتعجبه هيئته، ثم يسأل عنه فإذا قيل: هو عاطلٌ عن العمل سقط من عينه، لأن الإنسان العاطل كالماء الآسِن الذي لا يتحرَّك، لا يلبث وقتاً قصيراً حتى يتغيَّر لونه ويصبح مضرَّاً، فيتحول من الفائدة إلى الضرر.

تدفَّق كالنهر، تفتح لك الحياة الكريمة أبوابها.

إشارة:

أُسيِّر في درب الصلاح مواكبي
إذا طوَّحتْ بالسائرين الكواكبُ




نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved