| |
بحث في طب العائلة الرعاية الأولية تضم جميع التخصصات
|
|
قرأت وبكثير من الحزن والاستغراب ما ورد في الصفحة الطبية الخاصة بمركز الدكتور سليمان الحبيب في صحيفة الجزيرة الغراء يوم الاثنين 24 رمضان الموافق 16 أكتوبر 2006م حول أهمية العلاج التخصصي مقابل الاندثار الحزين لطب العائلة الذي كان في السابق ما يسمى ب(طبيب العائلة) حسب ادعاء المحرر الذي وللأسف الشديد لم يذكر لنا من أين استقى هذه المعلومة وعن مدى تأهيله لإطلاق مثل هذا الادعاء الذي جانبه التوفيق تماماً، وما حزّ في نفسي أكثر أن بعض ضيوف اللقاء هم أساتذة في كلية الطب. ونظراً إلى أنني أحد المنتمين المحبين لهذا (التخصص) وددت من خلال هذه المقالة تذكيرالقراء الأكارم ماهية طب العائلة وماذا يحتوي والأهمية القصوى له، راجياً رفع بعض اللبس عما جاء في الصفحة المذكورة. يجهل كثير من الإخوة المواطنين و(بعض الزملاء) ماهية الرعاية الأولية، ويعتبرون أنها نوع من الطب العام (وظيفته تحويل المرضى إلى من هم أعلم منهم، وفي الحقيقة فإن الرعاية الأولية، طب العائلة هو الاتصال الأولي بين المريض والرعاية الطبية أو الممارس العام، وهي عدة مسميات لتخصص واحد هو أقدم أنواع الرعاية الطبية. وفي المملكة العربية السعودية بدئ باستخدام هذا النوع من الرعاية الطبية منذ وقت مبكر جداً، إلا أنه أصبح أكثر تنظيماً الآن، وقد بدئ بعدد محدود من الأطباء، نظراً لقلة الإقبال الجماهيري عليه نظراً لمسماه حيث كان يطلق عليه (الطبيب العام) كما أسلفنا - في حين أن هذا النوع من الخدمة الطبية معروفة ومحترمة في المملكة المتحدة - مثلاً - ما يقارب (200) عام، وقد بدأت منظمة الصحة العالمية مؤخراً بالانتباه إلى فوائد الرعاية الأولية واعتبرتها المدخل إلى تحقيق الصحة للجميع بحلول عام 2000 ميلادي نظراً لارتفاع التكلفة المادية للرعاية الصحية في السنوات الأربعين الأخيرة في بعض الدول مثل السويد والولايات المتحدة الأمريكية قل الاهتمام بالرعاية الصحية الأولية إلى درجة أنها أصبحت تعتمد بدرجة كبيرة على الاختصاصيين أكثر من طبيب العائلة مما أدى إلى اتجاه معظم الناس إلى المستشفيات فازدادت أعداد المراجعين في العيادات التخصصية مثل الأذن والأنف والحنجرة لعلاج بعض الالتهابات الخفيفة وآلام الأذن.. إلخ مما يستطيع أي طبيب رعاية أولية العناية به، وبالتالي توفير الملايين التي تصرف على هذه المستشفيات، وقد اتجهت منظمة الصحة العالمية والعديد من هذه الدول هذا الاتجاه لأسباب عديدة أهمها: - توفير مبالغ طائلة تصرف على المستشفيات التخصصية. - تقديم خدمات صحية فعالة بأقل تكلفة مادية وبشرية ممكنة. وهو نظام مناسب لبلد ذي رقعة كبيرة مثل المملكة التي تحتاج إلى عناصر بشرية مدربة ومتوفرة ما جعلنا أكثر اعتماداً على الإخوة الوافدين من غيرنا، لذا وجب علينا الاهتمام بالرعاية الصحية الأولية وإعطائها الأولوية على التخصصات الأخرى، حيث إن الاهتمام بعلاج المريض الذي يشتكي من التهاب متكرر ومزمن في اللوزتين سوف يمنع - بإذن الله - مضاعفات هذا المرض مثل الحمى الروماتيزمية، والصمم وغيرها الكثير والوقاية خير من العلاج كما قيل. والعديد من المراجعين يحتاجون إلى إنسان يعاملهم كأصدقاء خصوصيين يقدم لهم خدمات خاصة مستمرة على مدى السنين، ويقودهم في عالم مخيف من التكنولوجيا الطبية المقدمة ويخدم المجتمع الذي يعيشون فيه كطبيب يساعد على الوقاية من الأمراض، ويقول الدكتور فراي (وهو أحد الأخصائيين في طب العائلة): ليس لدي أدنى شك أن الرعاية الأولية تضم جميع ما تعنيه كلمة (تخصصات) حيث إن لديها: - أهدافا ووظائف محددة. - لها مهارتها وتقنيتها وتنظيمها الخاص بها. - أساسها العلمي ومعلوماتها القائمة على الأبحاث والتجارب. - تدريبها الخاص بها لمن يريد الانضمام لها. - ترتيباتها الخاصة بها وطريقة نشر أعمالها الخاصة بها. هناك العديد من الطرق للعناية بالصحة وعلى مستويات مختلفة، فالمستوى الأول هو عن طريق الأقارب والأصدقاء وغالباً ما يكون في كل عائلة ثلاثة أجيال، ويبدأ كل جيل بإسداء النصائح لمن هم دونهم، ويتم العناية بالكثير من الأمراض الخفيفة على هذا المستوى بدون الاتجاه إلى المستشفى. وفي المستوى الثاني للخدمة الصحية (المدربة) وهو عندما يتم الاتصال بين طبيب العائلة أو أحد الفرق الصحية أو حتى غرفة الإسعاف في المستشفى. ويوجد في بريطانيا حوالي (2000) إلى (3000) مريض لكل طبيب رعاية أولية، بينما يوجد إداري واحد مسؤول عن 100 - 200 طبيب في الرعاية الأولية. أما المستوى الثالث للخدمات فهو على مستوى الأخصائي العام مثل الجراح العام، الباطني العام، إلخ وهو ما يستعين به طبيب العائلة عند الحاجة، ويشمل هذا اختصاص الأشعة وعلم الأمراض في بريطانيا كل مستشفى من هذا النوع يخدم 250 ألف مريض يزيد أو يقل حسب المنطقة. والمستوى الأخير للخدمات هو الأخصائي المتخصص مثل: أخصائي الأعصاب، جراح القلب ووحدات زراعة الأعضاء وغيرهم، وعلى هذا المستوى يوجد أخصائي متخصص سوف يخدم (1-5) مليون مريض، ويرسل المريض إليه عند الحاجة عن طريق الرعاية الأولية والأخصائي العام. وجدت الدراسات التي أجريت في المملكة المتحدة أن 75% من المراجعين يتم رعايتهم على المستوى الأول، و25% الباقية تتم رعايتهم عن طريق الممارس العام (طبيب العائلة). وعادة ما يستطيع طبيب العائلة أن يعالج ويتابع 90% من الحالات التي يراها بينما يتم تحويل 10% الباقية إلى الأخصائي في المستشفى، ومن هذا المنطلق وجب جعل الرعاية الصحية الأولية هي البوابة الرئيسية للتحويل إلى الأخصائيين. الرعاية الصحية الأولية هي رعاية مستمرة على المدى البعيد، بينما الرعاية في المستشفى لسبب معين مثل إجراء فحص أو عملية ما ثم إخراج المريض بأسرع وقت ممكن، وذلك لخدمة مريض آخر. يحتاج طبيب الرعاية الأولية إلى معايير خاصة لخصتها الكلية الملكية للممارسين العموميين بما يلي: 1- الكفاءة الإكلينيكية. 2- القدرة على الاتصال مع المريض والزملاء الآخرين. 3- إمكانية الاتصال به - عند الحاجة - بسهولة. 4- مراعاة القيم الطبية الجيدة، وفي مجتمعنا الإسلامي يجب علينا الالتزام بالأخلاقيات الطبية الإسلامية. وتنقسم الحالات الطبية التي نراها في الرعاية الطبية الأولية إلى عدة أقسام مثل: - الحالات المرضية البسيطة وتمثل 60% - الأمراض المزمنة وتمثل 33% - أمراض حادة، تمثل حالات حياة أو موت وتمثل 7%. وفي المعدل فإن كل مريض يراجع طبيب الرعاية الأولية حوالي (4) مرات سنوياً، مع احتمال أن يصف الممارس العام دواء لمريضين من كل ثلاثة مرضى يراجعونه، وعادة يصف أكثر من نوع واحد من الدواء. وفي المملكة المتحدة تكون تكلفة كل وصفة حوالي (5) جنيهات استرلينية أي ما يعادل (30) ريالا سعوديا تقريباً.مما سبق يتضح لنا أهمية الرعاية الطبية الأولية، وضخامة المبالغ التي سوف توفرها لنا عند تطبيقها التطبيق الأمثل والسليم، والواجب يحتم علينا الآن أن نركز أكثر على الرعاية الصحية الأولية، وذلك من الناحية الإعلامية لتوعية المتلقين لهذه الخدمات حتى ينظر إلى هذا النوع من التخصصات نظرة محترمة وقبول خدماتها حيث إنها رافد مهم لخدمة هذا الوطن متى ما تم تطبيقها بالطريقة المثلى بعيداً عن المصالح الخاصة.. والله ولي التوفيق.
د. علي إبراهيم الفرحان -استشاري طب العائلة
|
|
|
| |
|