| |
جامعات بلا مؤتمرات
|
|
كنت كتبت مقالاً في عدد الجزيرة 12278 ليوم الخميس بتاريخ 13-4-1427هـ بعنوان (مؤتمرات بلا جمهور) وتحدثت في ذلك المقال عن عزوف كثير من أفراد المجتمع ومثقفيه عن حضور المؤتمرات والندوات، وأشرت تحديداً إلى قلة جمهور الحاضرين في بعض المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة، واقترحت بعض الحلول لهذا الموضوع. واستكمالاً للحديث في موضوع المؤتمرات والندوات، فإن سؤالاً ما زال يلح علي بعد ذلك المقال وهو: هل تقوم الجامعات بدورها الفعال في طرح ومناقشة القضايا الفكرية والثقافية المتنوعة، وهل العطاء الثقافي والفكري الذي تقدمه الجامعات يتناسب مع دورها المفترض؟. ومع يقيني بأن هذه ليست أول مرة ولن تكون الأخيرة التي تطرح فيها مثل هذه الأسئلة، إلا أن جامعاتنا يقع عليها عبء كبير في هذا الجانب، وعليها أن تتقبل النقد الموجه لها بصدر رحب. إن الجامعات لها صلة قوية بتشكيل ثقافة أفراد المجتمع، حيث إنها تمثل مجتمع النخبة من المثقفين والعلماء وأصحاب الفكر. ومن هذا المنطلق فإن غياب الجامعات أو تغييبها عن القيام بأدوارها الثقافية يعد أمراً محزناً ومخجلاً في آن واحد!! إن الدور الكبير والمتعدد للجامعات يحتم عليها القيام بدورها المأمول في البناء الثقافي للمجتمع. ومع أن هذه الأهمية لدور الجامعات الثقافي لا تغيب عن فطنة مسؤوليها، إلا أن الملاحظ أن بعض جامعاتنا لا تقيم للشأن الثقافي وزناً، وبالتالي نرى بكل وضوح قلة الندوات والمؤتمرات والمحاضرات المتخصصة، بل إن بعض الجامعات يمر عليها أوقات طويلة دون أن يقام فيها أي نشاط فكري وثقافي سواء على مستوى الجامعة أو الكليات أو الأقسام العلمية!. وربما يقول قائل إن الأعمال الثقافية المتنوعة الموجودة في مختلف المؤسسات الحكومية، والأندية الأدبية وغيرها هي في الأصل تنطلق ويقوم بها غالباً أساتذة الجامعات ومفكريها، لكن الذي أتحدث عنه تحديداً هو غياب أو قلة العمل الثقافي في داخل الجامعة وفي قاعات كلياتها وداخل أقسامها المختلفة. ولإيضاح المقصود، فإن هناك أسئلة تكتب نفسها في هذا الإطار، فأين هي المؤتمرات والندوات واللقاءات الفكرية والثقافية الموجهة لطلاب الجامعة ولأفراد المجتمع بشكل عام؟!. وأين البحوث والدراسات وحلقات النقاش المنطلقة من كليات العلوم الاجتماعية والإنسانية؟ بل أين مشاركة كليات اللغة العربية والآداب في الحركة الثقافية والفكرية والأدبية؟ وأين هي المؤتمرات والندوات والحلقات الفكرية والثقافية المتنوعة التي يجب أن تنطلق من داخل الجامعات؟ تطرح هذه التساؤلات لأننا نشاهد ونقرأ أن جامعات العالم المتقدم تتسابق لإقامة اللقاءات المتنوعة في كافة التخصصات، في الوقت الذي - وللأسف الشديد - ما زالت بعض جامعاتنا تغط في سبات عميق في هذا الشأن! إن الدول والمؤسسات العامة والخاصة والجمعيات العالمية المختلفة تحرص على عقد وتنظيم المؤتمرات والندوات والملتقيات، وذلك لأنها ترى فيها فرصة لتبادل الأفكار والآراء. كما أنها مناسبة جيدة لإجراء النقاشات وبسط الحوار بين العلماء والخبراء والمتخصصين في موضوع المؤتمر، مما يتيح الفرصة لبحث تفاصيل القضايا والموضوعات الجوهرية والأساسية. لا أحد ينكر أن هناك بعض النشاطات الثقافية والفكرية المهمة التي تقوم بها بعض الجامعات من وقت إلى آخر، لكن هذه النشاطات لا تلبي ما يفترض أن تقوم به أو تطمح إليه هذه الجامعات، خاصة وهي تعج بالمثقفين والمفكرين الأكفاء أصحاب القدرات والخبرات المتنوعة. إننا بحاجة إلى أن نحقق عملياً شعار (الجامعة والثقافة) ولا يكفي أن يكون شعاراً يردد ويكتب دون أن يتحقق المضمون، بل لابد أن يكون هناك عمل وإبداع متواصل لهذه الجامعات التي يفترض أن تكون المركز الرئيس للفعاليات الثقافية والفكرية الموجهة لكافة شرائح المجتمع. إن الأمل كبير بأن تكثف الجامعات من عقد اللقاءات الثقافية والفكرية وطرح الجديد والمفيد من المؤتمرات والندوات، لأنها خير شاهد على دور الجامعة القيادي في الحركة الثقافية. وإلى لقاء قادم إن شاء الله في رحاب إحدى جامعاتنا في ندوة مكتظة بجمهور الحاضرين!! أرجو أن يكون قريباً.
د. فهد بن علي العليان
alelayan@yahoo.com |
|
|
| |
|