السيناريوهات العشرة في نظام هيئة البيعة
د. علي بن شويل القرني(*)

النظام الذي أصدره الملك عبدالله في الثامن والعشرين من رمضان عن تأسيس هيئة البيعة، يُعَد من أهم الأنظمة التي وضعتها الدولة السعودية - إلى جانب النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق ونظام مجلس الوزراء - خلال العشر العقود الماضية، أي منذ تاريخ الدولة السعودية الحديث .. في إطار مأسسة النظام، وبناء آليات استقرار كبيرة تجعل منه قوّة دفعٍ مستمرة ونموذجاً عملياً لمواجهة التحديات المستقبلية التي تواجهها الدول عند حدوث تغييرات سياسية واجتماعية متوقّعة أو فجائية .. واستطاع هذا النظام أن يسدّ - من خلال بنوده المختلفة - فراغاً قد يربك ولاة الأمر، وقد يخلق حالة من عدم الاستقرار في حالة ظروف مستجدّة لم تكن المؤسسة السياسية السعودية مدركة لها، أو متوقّعة لحدوثها .. وقد عمل هذا النظام على بناء ما يمكن تسميته بنظام السيناريوهات المحتملة في المستقبل، حيث استطاع أن يدرج في ثناياه مختلف أوجه السيناريوهات المستقبلية .. وهنا تقع قوة هذا النظام..
تمثِّل المواد الخمس والعشرون التي يتكوّن منها مجموعة من السيناريوهات المحتمل حدوثها في المستقبل، وبعد قراءة في هذا النظام أستطيع أن أستشف عشرة سيناريوهات مستقبلية، حيث استطاع النظام أن يضع لها الحلول المناسبة .. وفيما يلي عرض بها:
1- سيناريو وفاة الملك: عند وفاة الملك تقوم هيئة البيعة بمبايعة ولي العهد ملكاً للبلاد .. حيث إنّ ولي العهد في مثل هذه الحالة قد سبق أن تمّت مباركته من قِبل هذه الهيئة..
2- سيناريو ترشيح الملك لولي عهد له: بعد مبايعة الملك الجديد، يقوم الملك بترشيح واحد أو أكثر ولياً للعهد (النظام يخوّل له الترشيح إلى ثلاثة أشخاص) .. وتصوِّت هيئة البيعة على اختيار واحد منهم.
3- سيناريو ترشيح الملك لولي العهد وترشيح الهيئة لشخص آخر: في حالة رؤية الهيئة لشخصية أخرى لولاية العهد غير التي اختارها الملك، يتم التصويت على شخصيتين إحداهما الشخصية التي رشّحها الملك، والثانية الشخصية التي رشّحتها الهيئة، وبالتصويت عليهما، يتم تسمية ولي العهد..
4- سيناريو طلب الملك من الهيئة ترشيح ولي العهد وموافقته على ذلك: في مثل هذا السيناريو قد يطلب الملك من هيئة البيعة ترشيح ولي العهد دون أن يرشح هو أي اسم لهذا المنصب .. ففي مثل هذه الحالة إذا اتفقت الهيئة على تسمية شخص وحظي هذا المرشح بمباركة الملك فيصبح ذلك الشخص ولياً للعهد.
5- سيناريو طلب الملك من الهيئة ترشيح ولي العهد ولكنه يعترض على مرشح الهيئة: إذا طلب الملك من الهيئة ترشيح ولي العهد، ورشّحت الهيئة شخصية لم يباركها الملك، فعند ذلك يضطر الملك إلى ترشيح شخصية ويتم التصويت على مرشح الملك ومرشح الهيئة، ومن يحصل على تصويت أعلى يصبح ولياً للعهد.
6- سيناريو العارض الصحي للملك: إذا اقتنعت الهيئة بأنّ الحالة الصحية للملك تحول دون ممارسة سلطاته الدستورية، وبعد أن تكون اللجنة الطبية قد رأت أنّ ذلك هو عارض مرضي مؤقّت، تقوم الهيئة بإحالة السلطات الدستورية للملك إلى ولي عهده ريثما يتماثل الملك للشفاء. ويستعيد الملك سلطاته بعد ذلك..
7- سيناريو المرض الدائم للملك: بعد اقتناع الهيئة وتوثيق ذلك من خلال تقارير طبية، تقوم الهيئة بمبايعة ولي العهد ملكاً للبلاد.
8- سيناريو العارض الصحي للملك وولي العهد: في حالة المرض المؤقّت لكلٍّ من الملك وولي العهد في نفس الوقت، يقوم مجلس الحكم المختار من هيئة البيعة بممارسة السلطات الدستورية للحكم ريثما يتماثل كلاهما أو أحدهما للشفاء وممارسة السلطات الدستورية في تصريف شؤون البلاد.
9- سيناريو المرض الدائم للملك وولي العهد: في حالة المرض لكليهما في نفس الوقت وتوثيق ذلك بتقارير طبية، تقوم الهيئة باختيار مجلس حكم يدير شؤون البلاد لمدة سبعة أيام، ويتم خلالها اختيار ملكٍ للبلاد.
10- سيناريو وفاة الملك وولي العهد: في حالة حدوث وفاة تزامنية لكلٍّ من الملك وولي العهد، تقوم الهيئة خلال سبعة أيام باختيار الملك.
ويمكن بعد قراءة هذا النظام طرح بعض الملاحظات حول نقاط قد تسترعي اهتمام ذوي الاختصاص والقانون .. وقد تكون هي مدرجة ضمناً في روح النظام وليس في نصِّه..
1- قد يتساءل شخص .. هل يحق للملك أن يختار من خارج أعضاء الهيئة .. أو هل للهيئة أن تختار من خارجها .. لا توجد إشارة نصية لهذه النقطة..
2- أشار النظام إلى أنّ هيئة البيعة تنعقد بدعوات من رئيس أو نائب رئيس الهيئة .. ولربما يحتاج النظام أو لوائحه الداخلية أن يبين تسلسلاً أطول يتعدّى شخصين فقط .. فلو حدث عارض لرئيس ونائب رئيس الهيئة فيحتاج أن يكون هناك أشخاص ينوبون عنهما في ذلك، فلو ترك النظام إشارة إلى هذه النقطة..
3- لا توجد إشارة إلى قواعد إرشادية مستفيضة لمجلس الحكم .. وهل يتم اختيار أحدهم كرئيس لمجلس الحكم في إدارة شؤون البلاد في الحالات التي حددها النظام .. أم أنّ الخمسة يشتركون في ذلك .. هنا توجد صعوبة عملية في ذلك..
4- تناول بعض الكتّاب ووسائل الإعلام مقترح مصادقة مجلس الشورى على قرارات الهيئة كإجراء شكلي نظامي،.. فقد تكون المصادقة على النظام في مجمله قبل تطبيقه، وليس بالضرورة المصادقة على كلِّ قرار من قرارات الهيئة .. فقد يعطي مثل هذا الإجراء امتداداً شعبياً له..
5- لم يحدد النظام من يفسر هذا النظام في حالة الالتباس حول بند من بنوده..
6- قد يتساءل البعض .. هل يستلزم مثل هذا النظام لائحة أو لوائح داخلية تضع التفاصيل وتشرح آليات العمل الداخلية للنظام..