| |
مركاز رؤية العيد حسين علي حسين
|
|
هناك عدّة طرق يستقبل بها الكتّاب العيد، بعضهم يستقبله شعراً بأبيات معروفة، وبعضهم يستقبله بتذكُّر الراحلين من أهله، وبعضهم بالمقارنة بين بهجة العيد زمان، وتواصل الناس وتراحمهم، وتلك الزيارات التي تنقطع بين منازل الأهل والجيران، مقارناً كلّ ذلك بأحدث وسائل المعايدة التي حلّت علينا وهي رسائل الجوال، بعد كنا انتقلنا من الهاتف العادي ثم المكالمة بواسطة الجوال حتى وصلنا للرسائل!. وهناك من يستقبل العيد بالإشادة بخدمات البلدية التي زيّنت الشوارع ورتّبت أماكن قضاء الإجازة لمن لم يسعفهم الحظ والمال لقضاء العيد في الخارج .. والبعض الآخر، وهم كثر، يفضِّلون النوم في أيام العيد، أولاً لتعديل ساعتهم البيولوجية، وثانياً لأنّهم لا يجدون شيئاً يقولونه، ورابعاً لأنّ رمضان وأكله وشربه وسهره استنفد طاقتهم، فهم مثلهم مثل الطلاب والمدرسين والموظفين الذين لم تعد لديهم الطاقة على الصيام والعمل معاً!. وأمّا الداعي لكم بعيد سعيد، فقد تعوّد منذ سنوات على الأكل والمرعى وقلّة الصنعة فليس هناك ما يتعب أو يرهق، منذ سنوات طويلة .. هذا إذا نحّى جانباً جرح الأُمّة العربية والإسلامية، أو جراحها، وبعض هذه الجراح من صُنع أيدينا وبعضها من صُنع غيرنا، لكنّنا في جميع الأحوال مسؤولون عن جراحنا! لقد تمدّدت ليلة البارحة على سريري، وضعت عينيّ في السقف، وكان النور مختلجاً، وليس هناك من صوت، سوى هسهسة المكيف، في سرحتي تلك تذكّرت عاماً دخلت فيه منزلاً في بومباي، وقد وجدت في المنزل شمعة وتمثال بوذا وصورة بقرة وأشياء أخرى لا أذكرها، وعندما نزلت إلى الشارع وركبت بجانب سائق التاكسي، لاحظت الحركة البطيئة للأبقار في الشوارع، أبقار كثيرة ومسنّة، ولاحظت أنّ العديد من باعة الحبوب يبدون في قمة السعادة إذا أقبلت على محلهم بقرة وأخذت تلتهم من الحبوب على راحتها!. سألت السائق لماذا لا تذبحون هذه الأبقار، فقال لي الرجل بحنان آلمني وأضحكني. - من هو المجنون الذي يجرؤ على قتل أمه؟ ولم أعلَّق بشيء، خاصة بعد زيارة قمنا بها لمعبد (هاري راما هاري كريشنا) هناك وجدت عشرات العباد من الهند والصين واليابان وألمانيا وإيطاليا وأمريكا، المعبد كبير وبجانبه برج سكني، والعباد حديثو عهد بدينهم الجديد والمعبود نفسه لم يمض في ذلك الوقت على عبادته سوى أعوام قلائل! كلُّ هؤلاء يعيشون في سلام مع أنفسهم ومع مَن حولهم، فلماذا أُمّة الإسلام هكذا؟ .. أُمّة في تعاليم دينها حلول لكافة المحن، ومع ذلك فإنّ بعض أبنائها لاختلافات طفيفة بينهم يترصّدون بعضهم في كلِّ زاوية، وفي بلد هو واحد خفض يُذبح يومياً أكثر من ثلاثين شخصاً كلُّهم ينطقون الشهادتين، ويؤمنون بأركان الإسلام، وكلُّهم يقولون بأنّ هناك إيدي خفية تلعب بهم أو وسطهم .. وأنا شخصياً لا أصدِّق ذلك فعلّتهم فيهم، وهذه العلّة موجودة في العديد من الدول الإسلامية، وبعض الدول الأوروبية وأمريكا وآسيا وإفريقيا! إنّ التعدُّدية العقائدية موجودة في كلِّ مكان في الدنيا، وقد ذكرت نموذجاً بسيطاً من الهند، وإلاّ فهي موجودة في الصين وسنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وغيرها، لماذا أصحاب العقائد الأخرى يحترمون العقائد الأخرى .. والمسلمون لا يحترمون المسلمين المختلفين عنهم في جزئية بسيطة أو كبيرة؟ تجلّت لي هذه المحنة فطار النوم من عيني .. وأملي أن لا تتكرر هذه التجليات في العام القادم، فأرى المسلمين إخوة عقائدياً وإنسانياً كما حال أمم الأرض حتى أولئك الذين يعبدون البقر والحجر والإنسان ..
فاكس 4533173
|
|
|
| |
|