| |
مخاوف دولية من تقسيم العراق
|
|
لم تعد هواجس تقسيم العراق هما محليا عراقيا أو إقليميا فقط بين دول المنطقة، فقد نبهت موسكو من مخاطر تقسيم العراق أمس، مشيرة إلى أن المؤشرات لهذا التقسيم ما عادت مبهمة بل هي واضحة يراها البعيد والقريب، لكن روسيا لم تكتف فقط بالإشارة إلى إرهاصات التقسيم وإنما دعت وبصورة عاجلة إلى تعزيز عوامل الوحدة، وهي في ذلك تشارك جل العراقيين ومعظم دول المنطقة رغبتها القوية في رؤية العراق موحداً قوياً. وجاء التحذير الروسي وسط مخاوف كثيرة أعربت عنها أكثر من جهة عراقية، بل وأكثر من دولة من انزلاق العراق نحو التفكك، وكانت وزيرة الخارجيةالبريطانية قالت مؤخرا (إنه يعود إلى العراقيين القرار حول تفضيلهم الوحدة).. ووسط هذه المحاذير من الانفلات باتجاه التفكك جاءت وثيقة مكة المكرمة في العشر الأواخر من رمضان لتؤكد انحياز معظم العراقيين لدولة موحدة، وهذا على الأقل ما عبر عنه علماء الدين السنة والشيعة الذين يمثلون معظم العراقيين والذين التقوا على مدار أيام في مكة المكرمة حتى خرجوا بتلك الوثيقة التي دعت من بين ما دعت إلى إنهاء الفتنة الطائفية والكف عن تقتيل المسلمين في العراق لبعضهم، داعية في ذات الوقت على تغليب عناصر الوحدة والتآلف على ما عداها من عوامل التفرقة والتشتت. وتشكل الوثيقة أساساً طيباً لمواجهة المخاوف وربما التحركات الفعلية على الأرض بشأن تفكيك العراق، ويعول الكثيرون عليها باعتبار أنها حظيت بدعم كبير من القيادات الدينية التي تمثل الجانب الأعظم من الشعب العراقي، هذا فضلا عن الدعم الإسلامي الدولي لها. إن المرجعية القوية التي شكلتها الوثيقة ملأت فراغا بسبب الإخفاق السياسي في مواجهة مهددات الوحدة، ولهذا فإن الوثيقة تشكل بصفتها هذه خارطة طريق للعمل المرحلي المطلوب حاليا وهو الحفاظ على وحدة العراق من التفتت، وهي في كل الأحوال تصلح لاستصحابها للدفع بالإيجابيات في ساحة باتت مرتعاً لكل ما هو سلبي.. فهي تشكل نتاجاً لعمل عراقي خالص ما يبعد عنها كل ملامح التدخل الأجنبي وما ينأى بها عنها شبهة التعبير عن أية مطامع خارجية، وهي بهذه الصفة تمثل صيغة وطنية مثلى تفتقر إليها الساحة العراقية التي تكتظ بالمشروعات والجيوش الأجنبية والتي تتقاطع فيها مصالح بعض الدول.
|
|
|
| |
|