| |
البنغالي.. (محمد يونس)...؟ محمد الدبيسي
|
|
من قلب (بنغلاديش).. تلك الأحراش والسهول المنبسطة في شبه القارة الهندية.. تتراص الهياكل الآدمية التي هدَّها الهزال.. والأيدي التي حفر الجوع على راحاتها ثقوب الوجع.. وأفئدة وجَّهت الحاجة بوصلتها (تجاهنا).. بحثاً عن لقمة العيش (الكريم).. ** (الآلاف) من ذلك الشعب المسكين.. وفدوا إلينا (واستقدمناهم) - وفقاً للاصطلاح الإداري الخاص بهم وبمثلهم - كمنظفين لطرقاتنا من أوساخ ومهملات لفظتها (أيادينا البيضاء).. وعلى ذلك النسق من (المهن) تموضعوا في أذهاننا.. لنطمئن أن (أولئك).. إنما خُلقوا لخدمتنا..؟ لتحصرهم ثقافتنا الشائعة في ذلك المستوى من (الاعتبار).. في وعينا القِيمي..، إذ استدعى وصفهم المهني.. امتهانهم على مستوى التعامل..؟ فلا نبصر غير ما شاعت به تلك الثقافة التقليدية العامة والسيارة (المتخمة) برفعة التّصور وإنسانية الرؤية..؟؟!! ** من تلك (الأحراش).. ومن زخم تلك (الأمة).. انبثق (محمد يونس) الحاصل على (جائزة نوبل) مناصفة هذا العام.. هو وبنك (جرامين) الذي أسسه (يونس) للفقراء من أبناء شعبه.. متمثِّلاً رؤية إصلاحية واعية.. تحرر - ما استطاعت - شعبه من البطالة والجوع والفاقة.. وتغرس فيهم الثقة بالذات وقيمة العمل وإرادة الفعل والعزيمة الخلاَّقة، بالممكن من الأدوات والمحفِّزات..!! بقروض ميسرة.. لا تحتاج (فتوى شرعية) تثقلهم بالديون وتستقطر جيوبهم وتستغل جهلهم..؟ ** (قروض ميسَّرة) للباحثين عن العمل - وليس عن وهم الثراء اليسير - ونظام مالي واقتصادي دقيق.. يتوخى حاجات الطبقات الدنيا من الشعب.. ليستوعب (بنك جرامين) طاقات (مئات الآلاف) من الفقراء ويوظِّفها.. في إنشاء وتشغيل مصانع للنسيج والجلود والأغذية الخفيفة.. والصناعات التقليدية..؟ لتبلغ قيمة أموال البنك المتداولة منذ إنشائه (ستة) مليارات دولار..؟ ** وليحقق (يونس) بهذا الصنيع القيِّم.. مفهوماً راقياً (لإسلام) العلم والعمل والحياة..؟ مغايراً بالتّصور والتطبيق (صنيع) (بعض) من يزعمون أنفسهم علماء الإسلام الربانيين.. في (عالمنا الإسلامي).. الذين شُغلوا وأشغلوا الناس وأثقلوا عليهم بالاحترازات والمحاذير.. واستباق النوايا.. والحكم عليها..؟ وكرروا عليهم وأعادوا ما عُلِم من الدين بالضرورة.. وتباروا في اصطناع أسباب الفرقة والشتات بين المسلمين..؟ وإغراقهم بالتواكل والسلبية والانكباب على النوافل والشكليات.. وأجاج الأيديولوجيا..؟... ** وكأسمى ما يكون تمثِّل (قيم الإسلام) وتطبيق مفاهيمه العليا - الحقيقية لا الشعارية..، انشغل (يونس) بما ينفع الناس.. فلم يسوِّق لشعبه ملهاة الغيب والأماني والأحلام..؟ ولم يقوِّض عزائمهم بالتواكل السلبي.. والتّقاعس البليد..؟ بل طفق يفكر ويبدع ويصنع ما يروي دواخلهم المكتوية بنار المسغبة ومرارة الفقر وتبعات البطالة..؟ وبما يحفظ لهم كرامتهم ويغنيهم عن ذل السؤال..؟ ** (يونس) الإصلاحي الرائد.. والعبقرية الفذة.. يغرس قامة إنجازه العظيم.. في خاصرة ثقافة الجهل.. ليبدد نظرة ضيقة.. تقتات على الشائع.. وتستسلم لمطلق المستقر.. لتسطع على العالم عبقرية ظنِّها (أولئك) افتراضية.. فإذا بها تُدهش.. وتضيء بإنجاز عظيم. (ينفع الناس).....؟؟ والله المستعان..
md1413@hotmail.com |
|
|
| |
|