| |
استرعى انتباهي في فضائياتنا.. دعونا (نفترض)..ثم نجري دراسة د. عبدالله بن ناصر الحمود
|
|
مضى رمضان هذا العام، مكتظاً بالإنتاج الإعلامي العربي الجديد.. وتنافست الفضائيات في تقديم صنوف الأعمال التلفزيونية الأصيلة تارة، والمقتبسة من الرصيد الغربي الاحترافي تارة أخرى.. بعد عمليات تعريب وتهجين مقبولتين شكلاً، مثيرتين لكثير من التساؤلات، مضموناً ومحتوى. لكن الفضائيات مع ذلك كله تستحق منا الشكر والعرفان على أنها قد حاولت واجتهدت في أن تقدم للمشاهد العربي كل هذا الكم الكبير من المنتجات المتنوعة، بالقدر الذي دفع بعض القنوات إلى عدم إعادة بث كثير من برامجها ومنتجاتها المهمة لأن ساعات البث ازدحمت بالجديد والمتنوع. أظن جازماً.. أن هذا الإنجاز يستحق أن يسجل لكل الفضائيات (العامة المنوعة) دون استثناء، الرسمية منها والخاصة.. ولعدد كبير من الفضائيات الأخرى (المتخصصة) التي بدلت شيئاً ما في مظهرها مع ظروف الزمان وقدسيته. لقد استطاعت الفضائيات العربية.. هذا العام دون غيره من الأعوام السابقة.. أن تبرهن لنا وللآخرين البعيدين عنا، أننا مختلفون ومتباينون حقاً، بقدر ما اختلفت وتباينت منتجاتنا الفضائية.. وبقدر ما اختلفنا نحن حولها. ولا يمكن والحال هكذا.. إلا أن نقول للقائمين على تلك القنوات، وللمستثمرين فيها: شكراً لكم.. لأنكم أظهرتم اختلافاتنا وتبايناتنا. لكن السؤال الذي يطرح ذاته اليوم بعد هذا الجهد الكبير من لدن الفضائيات العربية.. ومع لملمة ليالي الشهر الكريم، وتوديعها، حتى يأذن الله تعالى ببزوغ هلال رمضانيٍّ جديد: ماذا ستفعل تلك القنوات بهذا الإنتاج الضخم الذي تم بثه واستهلاكه فعلاً، والذي تواترت حوله كثير من المداخلات النقدية؟.. أرجو أن لا تقصر حصافة قنواتنا الفضائية دون أن تكون إجابة هذا السؤال: ستخضع هذه المنتجات لدراسات تقويمية (بعدية) متعمقة، للوقوف على إيجابيات وسلبيات تلك المنتجات.. ليكون إنتاج الفضائيات العربية في رمضان القادم أكمل وأجمل. وحيث أتمنى على كل تلك الفضائيات أن تجري هذه الدراسات التقويمية، فإنني أطرح.. هنا.. وبلغة البحث العلمي.. ثلاث (فرضيات بحثية).. فقط.. أظن أنها مهمة عند تقويم برامج ومواد الفضائيات العربية في رمضان الحالي. الفرضية الأولى: سعياً لكسب مزيد من الجماهير وتحقيق عوائد ربحية مجزية، سعت المضامين الدرامية التي تناولت موضوعات الإرهاب إلى جلد الذات العربية والإسلامية بأسلوب إقرار سمة الإرهاب في هذه المجتمعات وليس عبر طرح درامي يهدف لتوضيح الموقف والإسهام في علاجه. الفرضية الثانية: نظراً لتعدد الإنتاج الدرامي العربي في رمضان.. مع نقص الخبرة لدى عدد من عناصر الإنتاج الدرامي.. سعت بعض المواد الدرامية إلى إضحاك الجمهور عبر تكلّف الإضحاك، ودون حبكة درامية كوميدية متقدمة، مما أظهر عدداً من المشاهد الدرامية أو الأشخاص دون حبكة درامية ناجحة.. ودون إمتاع حقيقي للجمهور.. وهو الأمر الذي قد يكون أدى للخروج بانطباع عام بأن بعض هذه المنتجات الدرامية لا تستحق المشاهدة. الفرضية الثالثة: تبعاً لاعتبارات كثيرة من أبرزها خروج الفضائيات العربية عن السيطرة الرسمية.. والنقص الحاد في المنظمات والهيئات المدنية.. وعدم قدرة المتاح منها على وضع سياسات مهنية ملزمة أو صياغة مواثيق شرف إعلامية.. طغت النزعة المادية على عدد من المنتجات الدرامية والبرامجية بالقدر الذي تدنت فيه مراعاة خصوصيات المجتمع المسلم، وتم خلاله خدش حياء كثير من المشاهدين عبر تقديم مشاهد غير خاضعة لأعراف وتقاليد المجتمعات العربية، وبخاصة داخل أسرها. تلك فرضيات مهمة جداً.. من وجهة نظري.. تحتاج الفضائيات العربية أن تقف عندها كثيراً في معرض تقويمها لمنتجها الدرامي والبرامجي خلال شهر رمضان الحالي.. لعلها تجد.. عبر عملية التقويم تلك.. نتائج علمية مهمة تؤيد ما ذهبت إليه.. هي.. فتعيد الكرّة في رمضان القادم.. أو توضح خطأ ما.. فتسعى لتداركه وعدم تكراره.. من أجل مستقبل أفضل لعطائنا العربي.. ولوحدة صفنا العربي.. ولهويتنا الإسلامية السمحة. تحية لقنواتنا العربية التي اجتهدت.. إن هي أصابت أو أخطأت.. لكن المؤكد عندنا اليوم.. أننا لم نعد نحتمل مزيداً من العمل دون (رؤية) و (رسالة) و (سياسة) و (هدف).
نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
alhumoodmail@yahoo.com |
|
|
| |
|