| |
رأي اقتصادي د. محمد اليماني
|
|
جمع التبرعات بين الهواية والاحتراف يتصور الكثيرون أن عملية جمع التبرعات لا تحتاج إلى متخصصين، وكل ما هو مطلوب هو شخص أو أشخاص يجيدون الحديث وسرد الحكايات والقصص والتجارب الشخصية، ولا بأس بتوزيع ابتسامات باهتة من حين لآخر وافتعال الاستغراب والاستعجاب من بعض التبرعات. ومما لا شك فيه أن هناك خطأً كبيراً وبحاجة إلى تصحيح وبشكل عاجل، فعملية جمع التبرعات هي أولاً علم وتخصص يدرس، وتزخر المجلات العلمية بمئات الأبحاث ذات العلاقة والتي تتناوله من جوانب مختلفة. وبالتالي فإن من يصمم هذه العملية ويشرف عليها وينفذها هم أناس متخصصون محترفون على دراية كاملة بالبيئة التي يتعاملون معها والفئات المستهدفة والأطر القانونية والأخلاقية السائدة، والعوامل الأكثر تأثيراً في سلوك المتبرعين على اختلاف فئاتهم والحوافز التي تحركهم. والهدف من هذا كله هو الحصول على أقصى ما يمكن تحصيله من الدعم المأمول، سواء كان هذا الدعم مادياً أو معنوياً، نقدياً أو عينياً، أو الإثنين معاً. ويعد إخفاقاً عندما يجمع خمسون مليون ريال في حين أنه بالإمكان جمع واحد وخمسين. إذ إن الهدف محدد وبوضوح، فهو ليس مجرد إطلاق حملة لجمع التبرعات. حصل ذات مرة أن نظمت حملة تبرعات لصالح جهة ما، ورأيت من المصلحة الاتصال على القناة لإبداء اقتراح نحو الاستفادة من حدث معين كان يوفر مزيداً من الحوافز لإقناع المتبرعين المتوقعين على التبرع، فما كان من الشخص على الطرف الآخر من الهاتف إلا أن قال وبحدة: (هل عندك تبرع.. أم لا؟) ، فلما أجبته بالنفي امتعض من اتصالي أولاً ومن ردي ثانياً، وعندما طلبت منه إيصالي بشخص مسؤول يمكن التفاهم معه، رد وبحدة لا تقل عن سابقتها: (إن ذلك غير ممكن). وما علم هذا الشخص أن هذا الاقتراح المجاني ربما أضاف إلى حصيلة الحملة أضعاف ما تبرع به المتبرع المتوسط. ولعل تدني الإقبال والتفاعل مع بعض حملات التبرع يدعونا إلى التساؤل عن سبب ذلك. ومن المتوقع أن تطول قائمة الأسباب المفترضة، لكن وبدون شك سيكون أحد هذه الأسباب الكيفية التي تصمم وتنفذ بواسطتها هذه الحملات.
|
|
|
| |
|