| |
العراق وأخطار التقسيم
|
|
تظل المخاوف على العراق قائمة ما ظلت تهيمن عليه حالات العنف الذي بات خارج نطاق السيطرة، ومن بين المخاوف الكبرى والمقلقة أن يتم استغلال الانفلات الحالي في مشروعات تتضمن التقسيم، وهو حلم يراود أناساً في الداخل والخارج، لكنه يحمل نذر كارثة ليس على العراق فقط بل على كل الإقليم، فضلاً عن السلبيات الكبرى من غياب قوة عربية مهمة.. وأكثر ما قد يدفع مثل هذه المشروعات إلى دائرة التنفيذ المخططات المسبقة التي تروج لحالةٍ من اليأس من تحسن الأوضاع، فضلاً عن الادعاء بأن انفراد كل عرق بإقليم مدعاة للاستقرار بسبب انعدام أسباب الصراع، لكن الوصول إلى هذه الحالة الانفصالية هو أمر لن يكون بذات السهولة التي يتصورها من يطمحون إلى هكذا دويلة أو ولاية منفصلة، فهناك ثمن لا بد من دفعه وهناك استحقاقات لا بد ستنشأ مثل مدى حدود هذا الإقليم ومقوماته وثرواته.. وهلم جرا.. وبدلاً من الاستسلام لدواعي اليأس فإن العراقيين مطالبون باستجماع قواهم وأطرافهم وقواعدهم من أجل عدم الانسياق وراء أوهام التقسيم التي تعبّر بصورة واضحة عن الهروب من المسؤوليات الوطنية والانكفاء على أوهام ذاتية لا تعبر بأي حالٍ عن وضع وطني سوي بل ولا تعكس سوى أفكار غير ناضجة سياسياً وفكرياً.. وإذا أمعن الذين يدفعون الأمور باتجاه التقسيم النظر فيما هم مقدمون عليه، فقد يرون ملامح واضحة لمؤشرات خارجية تحض وتحرض على مثل هذه الخطوة.. وفي العراق بالذات فإن مثل هذه النوايا عندما تتحول إلى واقع في إقليم معين، فعلينا أن نتوقع تواتر تداعيات التقسيم دون توقف بما يهدد حتى الذين فضلوا التقوقع داخل إقليم معين عندما يصبح هو ذاته نهباً لأطماع خارجية وهو في صورته المجتزأة الصغيرة. فارتباط العرقيات والطوائف العراقية بالخارج والجوار هو من القوة بحيث تغري أي حالة انفصالية بممارسة مماثلة، وهناك جماعات على أهبة الاستعداد للمضي قدماً نحو الانفصال أو التقسيم دون أن تكون واعية بالمدى الذي ستصل إليه مثل هذه العملية، أي حالات التفتت المتتابعة التي قد تفضي إلى مجرد محميات أو بلدات لا ترقى حتى لمستوى الدويلات.. ومن المهم العمل على توضيح ما يمكن أن تفضي إليه مثل التحركات، كما أن من المهم عدم استغلال ما أقره البرلمان العراقي الأسبوع الماضي من قانون لتشكيل الأقاليم على أنه خطوة في طريق التقسيم، فمثل هذا التصور يبدو كأنه يشرع عمليات التقسيم الفعلية، وهذا بالضبط ما يراه البعض من هذه الخطوة التي أقدم عليها البرلمان.. وفي كل الأحوال فإن مجرد التلميح إلى التقسيم في ظل الظروف الراهنة وفي حالة الفوضى المستشرية قد يحث من يتربص بالعراق على إنجاز مشروعه مع وجود عوامل مساعدة لمثل هذه الخطوة، وأناس على استعداد لذبح العراق جهاراً نهاراً وتقسيم التركة على من يريد ويرغب وربما لمن يدفع أكثر..
|
|
|
| |
|