Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/10/2006G Issue 12439مقـالاتالخميس 27 رمضان 1427 هـ  19 أكتوبر2006 م   العدد  12439
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

شعر

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

سماء النجوم

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

موقع النساء في فضاء العبادة
د. فوزية عبدالله أبو خالد

هل للنساء أمل في المساواة إذا لم تتحقق في فضاء العبادة؟
أرجو ملاحظة أن السطر أعلاه ليس سؤالاً.
أكرمني المعطي سبحانه وتعالى وأسرتي مطلع هذا الأسبوع الرمضاني المبارك بعمرة أرجو لها القبول، وعلى الرغم من أن كامل الرحلة إلى البيت العتيق تمت في وقت ضيق، إذ غادرت الرياض بعد صلاة عصر يوم الأحد وعدت إليها قبل صلاة الظهر يوم الاثنين، فقد كان لها حلاوة الهدية السخية في وقت إعسار، وجاءت إجابة لطلبة من الله ولم تكن في الحسبان إلا بشكل أمنية أو دعوة أحمد الله لها الاستجابة، وبما أنني كنت في ذلك الوقت القليل أحاول أن أتنعم بما في العمرة من نعم الطواف والسعي والوقوف بين يدي الله أمام الكعبة، فقد فاجأني حين أردتُ الصلاة في صحن الحرم وجود ذلك الحيز الضيق الذي حجزت داخله جموع غفيرة من النساء في رواق مسور (بالتيزار) لأداء صلاة ما بعد طواف العمرة أو تحية الحرم أو صلاة التراويح والقيام.
وإذ يقول العرب ليس الخبر كالعيان فقد كنتُ بعد ما كتب عن الموضوع في عدد من الصحف المحلية من قبل عدد من الكاتبات والكتاب لتبيان صعوبة الحجر على النساء داخل مساحة محدودة في بيت الله وما طرح من تساؤل عن مشروعية مثل ذلك الإجراء قد توقعت عدولاً عن القرار الذي اقتضاه.
ولذا فقد رأيت بعد أن لمست بيدي سلبيات ذلك الحجر على النساء في بيت الله، إضافة إلى ما سجله الزميلات والزملاء بهذا الصدد أن أكتب من واقع التجربة المعاشة بالعمرة رأياً أضعه بين يدي من أصدروا القرار أصلاً، وأرجو أن يعدوه مثلاً من أمثلة العينة الاستطلاعية التي تجعلهم يضعون أيديهم على رأي من يمسهم مباشرة القرار أو ما يمكن تسميته بنوع من استطلاعات رأي المعنيين والمعايشين لواقع القرار على أرض الواقع وليس من منظور نظري محض.
وقبل أن أورد بعض الأمثلة على عدد من السلبيات الناجمة عن حصر المصليات في موقع مسور بصحن الحرم الشريف كما شهدتها، أود أن أؤكد على عدم التشكيك بأي حال من الأحوال في حسن النية التي لا بد أنها كانت وراء استصدار مثل ذلك القرار، فنحن نثق بالوزارة التي خرج من مكاتبها القرار كما نثق بوزيرها الفاضل ونثق أن القرار لم يأتِ إلا كاجتهاد، ولذا فهو يحتمل الخطأ كما كان يحتمل الصواب.
ومن منطلق الثقة هذا، فإننا لا نشك أن من أصدر القرار لا بد أن يقبل بموقف الاعتراض على قرار هو في النهاية في حكم الاجتهاد الخاص في قضية هي في حكم القضايا المجتمعية العامة، كما أن ليس لدينا أدنى ريب في أنه لا بد يعنيه الوقوف على أسباب الاعتراض، ولا بد أنه يملك شجاعة التراجع عن هذا القرار في حالة عدم مواتاته، ومما يستدعي المراجعة والتراجع أن القرار أتى دون أن يؤخذ فيه برأي النساء، ودون على ما يبدو أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً تعدد المرجعيات المذهبية والقراءات الفقهية المعاصرة بالنسبة إلى هذا الموضوع المهم كموضوع حق مشاركة النساء في فضاء مشاعر العبادات.
وحقيقة فإن أحد الإشكاليات في أجهزة الخدمات العامة أن بعضها يعمد إلى اتخاذ بعض القرارات المفصلية، وبعضها قد يكون عن تعسف، ولكن بعضها الآخر قد يكون عن اجتهاد كما هو حال القرار الحالي القاضي بعزل موقع صلاة النساء في صحن الحرم دون الاطلاع على رأي من يخصهم موضوع القرار ولو من باب المشورة، فحسب علمي أن أي من السيدات لم تكن ضمن عضوية اللجنة المقررة لموضوع يخص عموم النساء المسلمات وليس النساء السعوديات وحسب.
وحيث إن كتابة عدد من الزميلات والزملاء للشهور الماضية قد ناقشت الموضوع باستفاضة من جوانبه الفقهية والتاريخية والاجتماعية مما يمكن الرجوع إليها في معظم الصحف المحلية وفي بعض المواقع الإلكترونية وقنوات إعلامية أخرى بمجرد إدخال أي كلمة ترمز للموضوع مثل, (النساء والحرم أو النساء وبيوت الله), فإنني هنا سأكتفي فيما يلي بطرح بعض نقاط سلبيات عزل النساء بمجال محدود من صحن الحرم المكي الشريف كما شهدتها من خلال ما يسمى بلغة البحث الاجتماعي الملاحظة بالمشاركة (participant observation) أو (التجربة بالمعايشة).. وهذه النقاط هي:
1- إن الحيز الذي خصص لعزل موقع المصليات عن الفضاء العام في صحن الحرم المكي الشريف عدا عن معاني الفصل السلبية التي يكرسها بين المتعبدين في بيت الله بدعوى النوع الاجتماعي، وفي قلب تلك البقعة الطاهرة التي يفترض أنها مركز الإشعاع الأول لقيمة المساواة، بل إنها كذلك بحق حيث كانت أول عمارتها على يد امرأة, إذ كانت السيدة هاجر أول من أقام بتلك الأرض, فهو من مشاهدتي حيز من حيث المساحة غير منصف وفيه إجحاف شديد للنساء.
وذلك فعل يجافي العدل ولا يليق إطلاقاً (لا كماً ولا نوعاً) بقيمة المساواة أمام الله وفي المجتمع بين النساء والرجال.
2- إن تلك المساحة التي تعزل فيها عبادة النساء من مجمل مساحة صحن الحرم لا تزيد على 10% إن اتسعت، فهل نسبة النساء في بيت الله إلى نسبة الرجال هي 10%؟ هل كان هناك مثل هذا الإحصاء مثلاً ليس عندما جرى اتخاذ مثل ذلك القرار المتحفظ على دواعيه من حيث المبدأ؟ ولكن أيضاً عندما جرى حصر النساء في تلك المساحة الضيقة.
3- إن أي عين موضوعية تمتد إلى عوازل ذلك الحيز لا بد أن تلاحظ مدى العنت الذي تواجهه المرأة في عبادتها داخله، فهناك الضيق الذي ينجم عنه تزاحم بين النساء، بما يجعل المصليات لا يستطعن تأدية الصلاة إلا في حالة قرفصاء، وهناك إزعاج الأطفال وبكاؤهم الذين توكل مهمة تعهدهم في الحرم إلى الأمهات دون الآباء مما تتفاقم أصواته نتيجة اختناق المكان، فيشغل المتعبدات ويشوش عليهن، وهناك أيضاً ذلك اللغط والجدل العقيم بين مسؤولات الأمن وبين المصليات الذي تثيره الملاحقات بدعوى حفظ النظام والعمل على عدم تزحزح المصليات قيد أنملة خارج خط ذلك الحاجز.
4- إن بيت الله يستقبل المسلمات كما المسلمين من كل فج عميق وفي حصر النساء في حيز صغير معزول عن فضاء الحرم مثار تساؤل وتذمر ممن لا تتفق قراءتهم مع هذا القرار في النظر لمسألة المساواة في واجب العبادات وحقوقها، وفي الوقت القليل الذي حضرْتُ فيه هناك التقطت كثيراً من تلك الإشارات النقدية في هذا الاتجاه.
5- يشكل هذا الفصل فرصة لاصطياد الإعلام الخارجي عبر ما تبثه الأقمار الصناعية من صور لا تمثل حقيقة الإسلام ولا حقيقة موقف المجتمع السعودي.
6- يحد تكتل النساء في ذلك المضيق من حظ النساء في عبادة التأمل للأسباب المذكورة أعلاه ولسواها من أسباب التضييق.
وأخيراً فهذه ملاحظات معاشة متواضعة لا تخوض من قريب أو بعيد في بعض ما يخلقه مثل هذا التضييق من بلبلة وخلط بين مفهوم الاختلاط وبين مفهوم الخلوة وبين مفهوم العادات والتقاليد وبين مفهوم التشريع والتكليف وفي مفاهيم الحدود والعلائق بين الديني والديني.
وهذه الملاحظات إنما تهدف لإعادة الاعتبار للمرأة في فضاء العبادة ليس إلا بالتيسير على النساء وعدم تشفير دوائر المباح.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved