| |
رز (أبو كأس) زكاة فطرتنا لهذا العام نورة حمد الجميح
|
|
بداية العشر مباركة على جميع المسلمين، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وفي غمرة روحانية وفضيلة هذا الشهر الكريم، الذي ينشغل فيه المسلمون بالطاعة وتأدية الفرائض والسنن والاكثار من عمل الخير وبذل المعروف وصلة الأرحام وذوي القربى والتواد والتراحم، لا سيما وإن هذا الشهر من هذه السنة بالذات اختلف عن رمضان مضى وما قبله. فنحن ننعم هذا الرمضان من هذه السنة بنعمة الأمن والأمان والاستقرار بعد أن عانينا بضعة سنوات من كوابيس الإرهاب وتبعاته، التي لم تكن تعطي اعتبارات لقدسية الشهر الفضيل وحرمته، في وقت كان فيه جماعة المسلمين يؤدون صلوات التراويح في الجوامع، وخوارج العصر ينفذون تفجيراتهم في أواسط المدينة وأطرافها. لهذا فإنه إذا كان لهذا الشهر الفضيل من ميزة عن كل شهور السنة، فهو في هذه السنة بالذات ينساب بروحانية مضاعفة يغلفها الأمن والأمان والاطمئنان نسأل الله أن يديم نعمة الامن والاستقرار على هذا الوطن وعلى كافة ديار المسلمين. في غمرة روحانية وفضيلة هذا الشهر الكريم، الذي ينشغل فيه المسلمون بالطاعة والخير والتواصل والتراحم والتسامح والمحبة، والتي هي من مضامين القيم الإسلامية جنباً إلى جنب مع تأدية العبادات والفرائض والسنن، إلا أنك لا تعدم أن ترى أو تسمع أو تقرأ من البعض ما يجرح تلك الروحانية ويمس صميم تلك القيم والمضامين الإسلامية، بعد أن أفقنا من التجربة الصارمة التي عشناها وعايشناها سنوات مضت، لا تزال بعض بقايا الإرهاب الفكري المحتضر، بما تحتويه من عنف وكراهية وعدوانية، تحاول أن تقتحم سلامنا الروحي والنفسي في فترة نقاهتنا كمجتمع يتشافى من فيروس العنف والكراهية الذي أصاب بعض أفراده في مرحلة سابقة. بعد كل ما مررنا به من تجارب أليمة، وبعد أن استوعبنا الدروس والعبر منها، وأدركنا ما مفاده أن النار من مستصغر الشرر، وأن القتل والتدمير يبدأ من ثقافة الإرهاب الفكري والعنف والكراهية. بعد كل ذلك، لا تزال، وفي هذا الشهر الكريم، تصدمك بعض المواقع في الإنترنت، والرسائل في الهواتف الجوالة، وبعض الأحاديث غير المسؤولية في المجالس التي تقتحم قبعتك الروحانية وسلامك النفسي وتوافقك الاجتماعي وفطرتك السليمة التي تخصك على المحبة وقبول الآخر وافتراض النوايا الحسنة. مع كل العبر والدروس التي استوعبناها من تجارب الماضي، ومع الفطرة الإنسانية السليمة التي تدفع إلى التراحم والسلام، ومع تصريحات ولاة الأمر - حفظهم الله - بين الحين والآخر والتي تحض على السلام والتآلف والوحدة ونبذ الكراهية والعنف والإرهاب الفكري إلا أن البعض، وإن كانوا قلة (وهذا ما نرجوه) يقلقون ويربكون السلام النفسي للمجتمع. في الظلام يجتهد الجبناء على تحريض العامة، وإرباك الادراك الجمعي لهم، ففي الظلام تنتفي المسؤولية والمساءلة مثل المواقع العبثية في الإنترنت، والرسائل المجهولة التي تقتحم هاتفك، في الظلام والمجهول ينفس الجبناء عن عدوانيتهم وحقدهم ومشاعرهم العاجزة فيتعدون على غيرهم ويشككون في نواياهم وسلوكهم بل وإيمانهم ويؤلبون العامة والبسطاء والقابلين للإيحاء. إنها مفارقة عجيبة وساخرة، أن يسيء المجهولون العاجزون في الظلام للمعروفين الذين يعملون ويجتهدون في النور، الظلاميون يستخدمون وسائل وأدوات عصر النور والمعرفة والحضارة الإنسانية لهدم القيم الإنسانية وتدمير الحضارة أليست هذه مفارقة ساخرة؟. وهذا الإرهاب التكنولوجي اللامسؤول، الذي تجرعه للأسف الشديد مجتمعنا، رغم تعارضه مع كل القيم الإسلامية، لا يوجد من هو محصن من ايذائه، والكل معرض أن يكون يوماً ما أحد ضحاياه ما دام يمارس في الظلام ولا يحتاج لأي مؤهلات من ضمير أو بصيرة أو موضوعية أو حتى شجاعة أدبية ليفصح عن اسمه. في مواجهة مثل هذه الظاهرة العبثية والتي يكون طرفاها (مجهول عاجز) و(معروف مجتهد)، لا نستطيع أن نتعامل ونسيطر على (الأشباح) على الأقل في المدى القريب، ما نستطيع أن نفعله في المرحلة الحالية إلى أن ينضج بعض السفهاء والجاهليين، ان يعمل المجتمع على تجاهلهم وعدم ترديد عبثهم وحماقاتهم، وان يتغلب العامة من الناس على بعض الخصائص النفسية مثل القابلية الشديدة للايحاء، والارتباك والتساؤل حول أي فكرة مجهولة يبثها (شبح) لا يحترم خياراتك العقلية. بكل بساطة: لماذا نحتاج إلى الأشباح يوجهون أفكارنا وخياراتنا وقراراتنا وعقلنا الجماعي، ونحن نعيش في داخل دولة ذات مؤسسات يديرها مسؤولون وعلماء دين ودنيا؟! وكمثال من وحي اللحظة لهؤلاء (الأشباح) الذين يقتحمون سلامنا النفسي، وخياراتنا العقلية، وثقتنا في مؤسساتنا الرسمية والدينية والوطنية والاقتصادية، ويحاولون التشكيك العبثي في نوايا وجهود أي مواطن على تراب هذا الوطن، كمثال من وحي اللحظة نقول لهم: رز (أبو كأس) هو زكاة فطرتنا لهذا العام.
|
|
|
| |
|