| |
سلام السودان وطموحات التعاون العربي
|
|
بدا السودان وكأنه يستكمل حلقة اتفاقيات السلام التي استهلها في نيفاشا بتوقيع اتفاقية السلام مع حركة جون قرنق ثم أبوجا حيث الاتفاق مع إحدى حركات دارفور وأخيرا، ووسط حضور عربي وإفريقي مرموق، جرى التوقيع في أسمرة العاصمة الإريترية على اتفاقية السلام مع جبهة الشرق.. ومع ذلك يبقى سلام دارفور بحاجة إلى الكثير من الترميم. وللاتفاقية الأخيرة مغزاها العميق، فهي تسد ثغرة في بناء السلام الذي بدأ يعم البلاد، وتسهم في الخروج من مستنقع الصراعات إلى ما يفترض أن يكون ساحة للتنمية الواسعة، كما أن الاتفاقية شكلت تطبيقاً عملياً لطموحات سودانية وإريترية في تحسين العلاقات بين البلدين، لتسهم بذلك في ترسيخ السلام الإقليمي ولتثبت أيضا قدرة الدول الإفريقية على تسوية مصاعبها اعتماداً على قدراتها الذاتية، فالبلدان طويا خلافات عميقة بينهما وانتقلا من التوتر إلى إقامة علاقات إيجابية مكنت أيضا من بناء السلام، حيث رعت إريتريا مفاوضات السلام الأخيرة. ويؤمل أن تنعكس اتفاقية السلام خيراً على شعبي البلدين خصوصاً في المنطقة الحدودية التي كانت ساحة النزال لمعارك شرسة، وتعتبر المنطقة واحدة من أفقر المناطق السودانية ليس بسبب عدم الإمكانات، ولكن بسبب التهميش التاريخي لها طوال حقب طويلة من الزمان، ولذلك فالاتفاق يتيح العمل لاستنهاض قدرات المنطقة واستغلالها من أجل إنسانها، كما يمكِّن من إطلاق عملية تنمية دولية على جانبي الحدود مع إريتريا بالإفادة من التحسن الذي طرأ على العلاقات، بما في ذلك تنشيط التبادلات عبر الحدود والافادة من ميزات الموانئ لدى البلدين لخدمة الداخل الإفريقي بطريقة تحقق أقصى فائدة من هذه المزايا التي تفتقر إليها بعض أجزاء الإقليم الإفريقي. وكان لافتاً خلال مراسم الاتفاق الحضور العربي الكبير ممثلاً بصفة خاصة في الجوار العربي بوجود ممثلين رفيعين لكل من المملكة واليمن إلى جانب الأمين العام للجامعة العربية، ومع تعهد عربي وسعودي خصوصاً بدعم السلام، حيث أعلن معالي وزير الإعلام أن المملكة لن تتأخر أبدا في دعم أي جهد يستهدف استقرار وإعمار السودان. ونشير هنا بصفة خاصة إلى أن الاتفاق يتضمن فقرة حول إنشاء صندوق لإعمار شرق السودان، يؤمل أن يستقطب جهود الدول العربية للوفاء باحتياجات ذلك الجزء من السودان وهو غني بثروات كثيرة لم تستغل ومن بينها المعدنية والحيوانية، وكلها معطيات مهمة في إطار التصور المستهدف للتكامل العربي وتنشيط التبادلات والتجارة البينية وتحقيق الأمن الغذائي، وغير ذلك من العناصر التي يمكن أن ترتقي بالتعاون العربي.
|
|
|
| |
|