Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/10/2006G Issue 12437مقـالاتالثلاثاء 25 رمضان 1427 هـ  17 أكتوبر2006 م   العدد  12437
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

القوى العاملة

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

الأخيــرة

استرعى انتباهي
التقريب بين الثقافات.. في زمن التباعد الثقافي
د. عبدالله بن ناصر الحمود (*)

من المنتظر - بإذن الله تعالى - أن تعقد كلية الإعلام والإدارة في جامعة (الكمبلوتنسي) في مدريد منتصف نوفمبر المقبل مؤتمراً حول (تحالف الحضارات). وسيدعى لهذه التظاهرة العلمية عدد من المعنيين بشؤون الفكر والثقافة الإنسانية، في محاولة - كما يبدو - للملمة جراح النصف الأول من العقد الحالي الذي شهد اتساع الشقة، والخلاف بين أمم الأرض، في سابقة لم يعهدها المجتمع الإنساني. ومع التقدير البالغ لكل من بادر في التفكير أو التنفيذ لأي عمل يخدم الإنسان ويخفف آلامه، فإنني أجد تساؤلات كثيرة حول عوائد جهودنا في التقريب والتحالف.
إنه من المؤكد أن تلك المناسبة ليست هي الأولى (وأظن أنها لن تكون الأخيرة) التي تدعو للتقريب والتحالف بين الثقافات والحضارات في كثير من دول العالم. وليس ذلك لأننا (معشر البشر) مستمرون في الاضطلاع بمسؤولياتنا المستمرة في (التقارب) و(التحالف) وبناء البرامج العملاقة في هذا الإطار، ولكن لأننا ندعو للتقارب ولا ندري إلى أي قدر (مثلاً)، ونسعى للتحالف دون أن يكون لدينا فهم دقيق لتحالفنا هذا.. مع من؟ وضد من؟ أو ضد ماذا؟.. يضاف إلى ذلك أن الذاكرة الإنسانية مكتظة بالتجارب السيئة لمصطلح (تحالف) تحديداً، فهو غالباً ما كان ولا يزال يستخدم (ليس للتقارب) ولكن لكسب الحروب العالمية، أو لتصفية الحسابات في أفغانستان والعراق، مثلاً. وأظن أن هذا الأمر سيلقي عبئاً كبيراً على كل من تصدى لمهمة نبيلة على غرار (التقريب بين الثقافات).
وإذا سلمنا بأن وسائل الإعلام والاتصال المعاصرة تعد الأداة الأكثر فاعلية في حمل المضامين العالمية ونشرها وتوزيعها، أدركنا حجم المشكلة التي نواجهها في أي مشروع (تقريبي) أو (تحالفي بريء). إن وسائل الإعلام المعاصرة (المطبوعة، والمرئية، والمسموعة) وكذا شبكات ومواقع الإنترنت، مليئة بالمضامين التي يمكنها أن تحقق أشياء كثيرة على المسرح الدولي ولكن - بالتأكيد - ليس التقارب أو التحالف من بين أهمها وأكثرها شيوعاً. إن التركيبات المخيفة التي تتشكل منها تلك الوسائل على مستوى الشكل، والمضمون، والإدارة، والتمويل، لتبعث على كثير من القلق، وتؤذن بمزيد من (التباعد) و(التخاوف) بدل (التحالف). فقد باتت كل أمة تنأى بما لديها، وترى الحق كل الحق فيما عندها.
وزاد الأمر شقة وقلقاً، فرضية اقتحام قطاع الإعلام الدولي من قبل كثير من القوى السياسية والاستخباراتية الدولية وتجييره لمصالح موغلة في الأنانية والذاتية، وبعيدة عن الألفة الإنسانية والموضوعية.
وبذلك، يمكنني القول: إن المهمة التي تبدو أمام كل مؤسسة تتصدى لموضوع (التقارب) و(التحالف البريء) على المستوى الإنساني تتمحور في مراجعة وتقويم الممارسة الإعلامية على المستوى الدولي في ضوء ما يمكن أن يحدث من تطور في (الوظيفة الاجتماعية - الثقافية) لوسائل الإعلام، ليس داخل المجتمع الواحد فقط، ولكن أيضاً على مستوى دول العالم المختلفة. وبذلك يمكن السعي للإجابة عن سؤال: إلى إي مدى يمكن لوسائل الإعلام والاتصال الدولية المعاصرة أن تكون أداة فعالة في التقريب بين الثقافات، وتعريف المجتمعات الإنسانية ببعضها البعض وفق حقائق ومعلومات مختارة ومنتقاة بعناية شديدة، لا تقوم على القوالب المسبقة؟. إن الملاحظة المتخصصة، للممارسة الإعلامية الدولية المعاصرة، تؤكد أن أنماطاً من الصور الذهنية (السلبية غالباً) هي التي تسيطر على تبادل المضامين والرموز عبر وسائل الإعلام والاتصال.
لقد كانت النظرة التقليدية لوسائل الاتصال الجماهيري تستند إلى قدرة تلك الوسائل على إنتاج ونشر المعلومات والأخبار والبرامج الثقافية والترفيهية بشكل نمطي إلى جمهور واسع وغير متجانس، إلا أن وسائل الاتصال الجديدة بخصائصها غير التقليدية هدمت الأساس الذي قام عليه هذا المفهوم. فلم يعد المنتج الثقافي أو الترفيهي أو الإخباري لهذه الوسائل ينتقل عبر مركز واحد للإنتاج، بل من خلال مراكز متعددة، وبالاستناد إلى تقنيات الحاسوب فائقة القدرة. ولعل ذلك ما دفع رئيس برنامج الاتصال والمعلومات بجامعة هارفارد إلى أن يطلق اسم (Compunications) على الطبيعة الجديدة لوسائل الإعلام التي اندمجت تلقائياً مع الحاسبات، واستطاعت أن تغير خارطة الإرسال والاستقبال لتصبح في أكثر تعددية مرت على تاريخ التواصل الإنساني بالقدر الذي يمكن معه أن يكون لدينا (مرسلون) للمضامين والأشكال الاتصالية يوازي تماماً عدد (المستقبلين)، مما يعني أنه قد أمكن (نظرياً) أن يكون كل الناس في أي مكان من العالم (مرسلين ومستقبلين) في وقت واحد، وبكفاءة عالية جداً.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة تطورت الوظائف الاجتماعية - الثقافية لوسائل الإعلام والاتصال بالقدر الذي مكنها من أن تكون أدوات حاسمة في التأثير في العلاقات المجتمعية على المستوى الدولي، وفي شيوع آليات التواصل و(التحالف) أو (التخاوف)، بين الأفراد والمؤسسات على حد سواء. وبذلك، يمكن إيجاز السؤال الأكبر الذي ستواجهه كل الفعاليات المعنية بموضوع التواصل الثقافي العالمي على نحو: ما الدور الذي يمكن أن تقوم به تلك الفعاليات في بناء علاقة إنسانية أكثر تحالفاً وتآلفاً على المستوى الدولي، وفي بيئة اتصالية إنسانية جديدة تتسم بتجزئة الجمهور العام (المتباين) إلى جماهير خاصة متجانسة، وتتسم بالطبيعة اللاتزامنية للاتصال، وبتخطي حدود الزمان والمكان، وبتزايد المجمعات الافتراضية. إنها مهة إنسانية كبرى، تحتاج - دون شك - كثيراً من التأمل والتشاور والتفكير فيها، عندما نسعى للتقارب ونهدف حقاً إلى تحقيق النجاح.

(*) نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

alhumoodmail@yahoo.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved