| |
المصالحة مع الذات عبير عبدالرحمن البكر
|
|
رائع أن تتصالح مع ذاتك.. رائع أن أسامح ذاتي.. رائع أن أحب الآخر، أدفع عجلة ذلك بالعطاء والتفاني لأن أخدم أسرة.. أبني مجتمعا.. أصلح في أمة.. لست بصدد دراسة نفسية.. أو آراء إصلاحية.. لكني أجد العلاقات في مجملها بدأت تذوب وتفقد حرارة التوهج الأجمل.. الحضور الأول.. المسامحة الجميلة.. العطاءات البيضاء فيما بيننا.. حتى في أخص خصوصيتنا بيننا وبين أسرنا الصغيرة. صدرت دراسة مضت لليونسيف حول علاقة الآباء بالأبناء من خلال الوقت المخصص لهم في دول العالم العربي وكان (30) ثانية فقط، وفي دولة كإيطاليا يعتبر أعلى معدل عالمي لهم (16) دقيقة.. مريعة هذه الإحصائية وأليمة في الوقت ذاته.. موجع جداً أن تكون تلك الدراسة تطل على مخبوء أسرنا في مشاعرها الصامتة غير المستنطقة.. تحت ستار المشاحنات والأحقاد أو عجلة الحياة الماضية.. بتنا لا نعبر عن مشاعرنا الصادقة تحت هذه السدف المظلمة من عجلة الحياة والركض اللاهث نحو مصالحنا وأعمالنا وتسارع خطواتنا في الدنيا دون أن نتوقف، لنطل على عواطفنا وأحاسيسنا المخبوءة تنتظر النار التي تشعلنا وتعيد بريقنا الأول.. نتحاور بشكل آلي، نتكلم بدون تقاطيع المشاعر التي تمر على أوتار الإحساس الصادق.. القاعدة الدينية تعطيك مفاتيح الحب الأصدق.. حين يؤكدها الرسول الكريم حين يأتي له أحد قائلاً إني أحب فلانا، فيسأله هل أخبرته؟ إذن هو تواصل الحب بالكلمة، بالتعبير المباشر.. أتقبل فيها حب ذاتي والحب مع الآخر الذي يدفعه العطاء والتواصل واستنطاق المشاعر من أجل هذا الآخر.. نعيد بناء أسرنا على الحب والبوح والحوار الأقرب للنفس، نعمق هذا المبدأ في فصولنا الدراسية، في حياتنا المجتمعية، في أورقة منازلنا وأسقف غرفنا.. تكون حياتنا قائمة على التسامح وحُسن الظن بالآخر، على الخير والمحبة تكون حياتنا أكثر بساطة وأكثر جمالا وأكثر بياضا.. فليست هي نظرة أفلاطونية أو ضربا من خيال لا يمكن تحقيقه إنما نبدأ بالبذور الصغيرة في منازلنا داخل أسرنا نعوّدها الحب والخير والبذل والعطاء، نحاورها، نستنطق مشاعرها لتخرج للمجتمع بذور جميلة تحاور وتتحدث بحب وعطاء، ونبدؤها بمصالحة مع الذات نمتد فيه نحو الآخر من مجتمعنا، ابن، أخ، قريب أم بعيد.. نتواصل بآلية المحبة والإيثار والعطاء، نرفع ذواتنا المسكينة التي أثقلتها متاعب الحياة، نسامح عن كل ما مضى، ونحب كل شيء.
abeeralbaker@maktoob.com |
|
|
| |
|