| |
استح هذا مكان عمل عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي
|
|
جاء كعادته متباطئا متثاقلا، عنوان كسل كريه، جلس خلف مكتبه ووضع ساقا على ساق، تثاءب وتثاءب، فرك عينيه، وتلفت يمنة ويسرة ثم وضع رأسه على المكتب ونام. انزعج زميله من وضعه، تقدم إليه وناداه باسمه ولكن لا حياة لمن تنادي، نهزه من كتفه ثم رأسه، عندئذ اضطر هذا الثقيل إلى النهوض، تحدث مع زميله وقد فتح عينا وأقفل الأخرى، ثم رد عليه ردا سامجا باردا كسماجة الرجل وبروده: ماذا تريد؟ لماذا هذا الإزعاج؟ دعني وشأني، استشاط زميله غضباً وقال: استح هذا مكان عمل وليس غرفة نوم، ألا تخشى أن يراك أحد المراجعين؟ ماذا سيقول عنا، إنك نموذج سيئ، والمشكلة أن من يراك يحمل انطباعا غير سار عن الجهاز كله. إنني على يقين أنكم قابلتم مثل هذا الموظف، وقد قيل (مَنْ أَمِنَ العقابَ أساءَ الأدبَ)، فهذا الموظف لم يعمد إلى أسلوبه هذا إلا لأنه يعلم أن رئيسه المباشر لا يبرح مكتبه ولا يتفقد مرؤوسيه ولا يعرف عن أحوالهم أو تعاملهم أي شيء، فقط يعرف الأوراق التي تمر عليه وما عدا ذلك لا شأن له به، ولهذا تتكرر مثل هذه الصور التي تسيء إلى سمعة بعض الدوائر التي يعمل فيها أمثال هؤلاء، فيا ترى مَنْ الذي يجب أن يحاسب هل هو هذا الموظف أم رئيسه أم كلاهما؟. إن أمانة المسؤولية وعظمها يحتمان على كل موظف أن يقوم بدوره ويؤديه على أكمل وجه وأتمه، وأن يعد نفسه مرآة يرى الآخرون فيها أنفسهم، وقد تولد لديهم شعور بالفخر والاعتزاز والإعجاب.. إنه أمر سهل ميسر متى ما أدركنا أن استثمار الوقت بما يعود بالفائدة والنفع وجه من أوجه الخير، وإعمار الأرض التي استخلفنا الله فيها.
|
|
|
| |
|