| |
أنت استجابة لدعوة الأمير خالد م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
|
|
لا شك أن الشعر حالة نفسية.. يطلق الشاعر لنفسه فيها العنان محرراً إياها من كافة أنواع القيود التي إذا بقيت.. بقي الشعر مجرد كلمات منمقة خالية من الحس. وقد يحلق الشاعر بأجنحة عظيمة في فضاءات لا يراها سواه.. وقد يؤدي هذا التحليق مع سقوط القيود إلى النطق بأبيات تستثير حراس العقيدة أو القيم أو العادات أو حتى حراس الإنسانية أو حراس الأخلاق.. وقد يخلق الشاعر لنفسه من أبياته قيداً يبقى عبئا عليه مدى حياته.. وقد كان بإمكان المتنبي أن ينجو برجاله وأمواله من هجوم ضبة.. وهم بذلك فعلا.. لولا أن ابنه محسَّد قال له: أين يا أبي وأنت القائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم فرد عليه المتنبي قائلاً: قتلتني.. ثكلتك أمك!.. وثبت في وجه مهاجميه حتى قتل. إنني أعترف.. يا سمو الأمير.. بأنني وكثيرين مثلي.. خفضنا رؤوسنا حياء حينما سمعنا قصيدة (ارفع رأسك أنت سعودي) فقد بدت لي مفاخرة فيها تجاوز وتعالٍ.. والأعجب من ذلك هو أنها جرت على لسان رجل إضافة إلى كونه حاكما مسؤولا.. فهو حكيم مبدع.. ورائد مقنع.. دغدغ مشاعر جيل بأكمله بكلمات رقيقة لسنوات طويلة. أعلم أن سمو الأمير خالد هو مثل كثير من النخب المثقفة.. وقد ينحى باللائمة عليّ وعلى أمثالي ويتساءل: لماذا لا تفهم ما يقال.. فالمبدع ليس مطالباً بشرح كل ما يقول للمتلقين.. وهذا لا يتناقض مع طبيعة ما سنَّه الأولون من قبل.. فالمعنى دائما في بطن الشاعر. إن المتابع للحركات التحريرية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية للتخلص من الاستعمار سوف يجد نوعا من هذا الفخر في خطب وأشعار الشعوب يعلنون من خلالها أن عقودا من الذل والهوان قد ولت إلى الأبد.. ولكن المجتمع السعودي من المجتمعات القليلة جدا في العالم التي لم تتعرض إلى كوارث أو أوبئة خلال الثمانين عاما الماضية.. فنحن لم ننهض من الرماد للتو.. بل إننا نستمتع بأطول فترة رفاهة وتنمية يعيشها إنسان العصر الحديث.. فلماذا الظن أننا نعيش خافضي الرؤوس؟!.. صحيح أن (ثمانية) ألمانيا في كأس العالم عام (2002م) أوجعتنا.. وأفقدتنا ذلك الشعور الجميل بالفخر والزهو بالوصول إلى هذا الملتقى العالمي وجعلتنا نقنع من الغنيمة بالإياب.. وصحيح أن ضربة سوق الأسهم مست ملايين السعوديين.. وعدَّها بعضنا كارثة لأنها آذت مليون عائلة سعودية على الأقل.. إلا أن كل ذلك لا يعد شيئا مهيناً بالشكل الذي يدعو إلى إعادة تحفيز المجتمع السعودي لرفع رأسه. أعلنتم يا صاحب السمو أن عبارة (ارفع رأسك أنت سعودي) ستكون شعار ملتقى أبها عام (1428هـ) وطرحتم الفكرة للمناقشة وتقديركم لكل من قرأ وتحمس للمشاركة.. وانطلاقا من هذه الدعوة الكريمة فكلي حماس للمشاركة.. وسوف أبدي رأيي بكل الوضوح الذي يقوله المحب الحريص دون حواجز المقام أو المجاملة.. وأبدأ أولا بتأكيد حقيقة أن الأمير خالد الفيصل بتاريخه وحاضره ليس فرداً عادياً.. وهذا يجعل كل تصرفاته أو أقواله ذات وزن واعتبار مختلفين عندنا نحن عامة المواطنين في المملكة العربية السعودية. وثانياً إن ما أنجزه الأمير خالد في عسير ذلك الجزء الغالي من الوطن يضاهي ما تم إنجازه في حواضر المملكة وحواضر العالم العربي.. وثالثاً إن دوره التنموي قد تجاوز منطقة عمله إلى المملكة كلها.. بل إنه ومن خلال مؤسسة الفكر العربي يكون قد غطى العالم العربي بأسره.. إذاً نحن أمام قامة طويلة فارعة سوف يذكرها التاريخ.. ولن يتعامل معه السعوديون حاضرا أو مستقبلا على أنه أمير أو مسؤول فقط بل سوف يتعاملون معه على أنه رمز وطني له بصمته وتأثيره على كثير من مجالات العمل والإبداع الوطني خلال الأربعين عاماً الماضية. بعد التأكيدات الثلاثة الآنفة الذكر أقول: إن عبارة (ارفع رأسك أنت سعودي) عبارة لا تليق بنا نحن السعوديين.. فهي عبارة تبدو مستفزة ففي معناها شيء من العنصرية وشيء من المهانة.. ونحن لسنا عنصريين إلى هذه الدرجة ولسنا مهانين إلى أي درجة.. وإذا كنتم يا صاحب السمو تنتظرون التصويت بهذا الخصوص فآمل ضم صوتي مع من يرى أن تتركوها.. فهي رغم كل المبررات لا تناسب مجتمعا حدوده (تمتد إلى حيث يكون الإنسان) كما قال المفتي اللبناني وكما قالها قبله (لخ فالنسا) بولندا السابق وقالها غيره كثيرون.. وحق لنا بدلا عنها أن نرفع شعار (مملكة الإنسانية). والله يحفظكم ويرعاكم،،،
|
|
|
| |
|