Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/10/2006G Issue 12430مقـالاتالثلاثاء 18 رمضان 1427 هـ  10 أكتوبر2006 م   العدد  12430
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

زمان الجزيرة

الأخيــرة

تفعيل الحوار الاستراتيجي ودوره في توثيق العلاقات السعودية الأمريكية
د. عبدالله الزهراني

لا شك أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية كانت متميزة منذ بدئها في الثلاثينات من القرن العشرين عندما بدأت بعلاقات اقتصادية بحتة. وحرص كل من الجانبين على دعمها واستمرار زخمها الإيجابي. ولكن ذلك لا يعني أنها لم تمر بفترات شابها نوع من الاختلافات والخلافات المحدودة خاصة عندما كان الأمر يتعلق بجوانب سيادية أو جوانب تتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه القضية العربية الرئيسية ألا وهي قضية فلسطين. ولكن سرعان ما كانت تحل مثل تلك الخلافات بالحوار، ولم تكن تؤثر بدرجة سلبية على العلاقات بين البلدين ولم يستمر الفتور كثيرا في هذه العلاقة. لقد ازدهرت العلاقة ولم تقتصر على الجوانب الاقتصادية، وإنما شملت الجوانب الثقافية بشكل كبير، حيث كانت الولايات المتحدة هي الخيار الأساسي للطلاب السعوديين لمراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والدورات التدريبية العسكرية منها والمدنية، حيث وصلت أعداد الطلاب المبعوثين إليها في مرحلة من المراحل إلى أكثر من 15000 طالب، وهذا يعني تخرج الآلاف من جامعات الولايات المتحدة. تدعمت أيضاً العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وبالذات في دحر النفوذ السوفييتي وعدم توغله إلى المياه الدافئة الذي انتهى بهزيمته في أفغانستان. ولقد حرصت المملكة على ألا تكون مثل هذه العلاقة المتميزة على حساب القضايا العربية، بل بالعكس كانت المملكة تستغل هذه العلاقة المتميزة في إقناع الولايات المتحدة في تجنب بعض السياسات المضرة بالمصالح العربية بقدر إمكاناتها.
ولكن بدأت تظهر بعض الخلافات بين المملكة والولايات المتحدة بشكل أكبر منذ وقت مضى لأسباب عديدة منها الحصار القاسي الذي فرض على الشعب العراقي؛ ما تسبب في وفاة مئات الآلاف من الأطفال وطال أثره النواحي التعليمية وكل الجوانب التنموية للعراق.
كما أن عدم وضوح الرؤية من قبل الأمريكيين في حل القضية الفلسطينية وسياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا التي تهم الدول العربية والقضايا التي تهم الكيان الصهيوني أسهم في فتور العلاقات بين البلدين.
ازدادت تلك العلاقات فتوراً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث ظهرت أصوات أمريكية عديدة تهاجم المملكة من خلال الصحافة ومن قبل بعض الساسة الأمريكيين والمتنفذين في صنع القرار في السياسة الأمريكية، وذلك من خلال اتهامهم المملكة بأنها مصدرة للإرهاب.
وكان هذا الادعاء نتيجة لوجود 15 سعوديا ممن يعتقد أنهم منفذو تلك العمليات الإرهابية، حيث لم يرد في التاريخ أسرع من إظهار أسماء السعوديين فيها وتوجيه التهم إليهم.
والمقصود أن تجميع الأدلة ضد هؤلاء السعوديين تم في وقت قياسي أي أقل من 24 ساعة إلى درجة أنه تم التقاط جوازات بعض السعوديين الذين كانوا على متن الطائرة التي أسقطت فوق بنسلفانيا سليمة معافاة لم تحترق ولم تصب بأذى!!!!!!.. ولعل هذه السرعة في توجيه الاتهامات وتلفيق الإثباتات تثير الشكوك حول العملية بأسرها ومن يقف وراءها وكيف خطط لها وهل استغلت القاعدة لتنفيذها من أجل تحقيق هدف استراتيجي خطط له أعداء الأمة الإسلامية؟.. حاول اللوبي الصهيوني استغلال ذلك الحدث الإرهابي والعمل على استعداء الساسة الأمريكيين تجاه المملكة. أعدت حملة منظمة ضد المملكة لتطول تلك الحملة العديد من المؤسسات الخيرية التي لا ناقة لها ولا جمل فيما حدث لوزارة الدفاع ومركز التجارة العالمية، حيث وضعت العديد من تلك المؤسسات على القائمة السوداء الأمريكية التي تمنع التعامل معها. اتهمت أمريكا العديد من الشخصيات الرسمية وغير الرسمية زورا وبهتانا بالتورط في تمويل الإرهاب. اتهمت أمريكا أناسا لم يكونوا على متن تلك الطائرات الانتحارية بالقول بأنهم شاركوا في العمليات الإرهابية على برجي التجارة العالمية، وثبت فيما بعد أنهم أحياء يرزقون. قبضت السلطات الأمنية الأمريكية على بعض السعوديين بمجرد دخولهم أرض الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكانوا مدعوين لمشاركات في مؤتمرات وندوات، حيث اقتيدوا للسجون دون ذنب لهم وأفرج عنهم لاحقا دون تعويض عما لحقهم من أذى وإهانة وترويع لأسرهم. وهذا الأمر لا يمكن أن يحدث لمواطن أمريكي دون محاسبة قانونية وتعويض مالي عندما يقبض عليه ويسجن دون مبرر. واستطاعت المملكة أن تمتص تلك الثورة السياسية العارمة وأن تناقش الأمر بهدوء وانبرى ساسة المملكة وكتابها ومثقفوها لتك الحملة الجائرة وأمكن كسر حدتها والتخفيف منها بشكل كبير، ولكن ظل هناك نوع من الفتور في العلاقة. حتى المناهج التعليمية في المملكة لم تسلم من اتهامات العديد من الساسة الأمريكيين واللوبي الصهيوني بالقول بأن المناهج التعليمية في المملكة تحرض على الكراهية والإرهاب. إن كل تلك الاتهامات فيها نوع من التعميم والظلم والإجحاف في جوانب عديدة. لا شك أن ما تعرضت له الولايات المتحدة يعد عملا إرهابيا ومؤلما لأمريكا، ولكن ردة الفعل كانت عنيفة تجاه العرب والمسلمين بشكل عام. إن تلك السياسات المتشددة والتصريحات المناوئة للمملكة تعود في كثير منها إلى مواقف المملكة ورفضها المشاركة في ضرب أفغانستان وغزوه، وكذلك مواقف المملكة ومساندتها القضية الفلسطينية التي كانت المملكة على الدوام تطالب بحل عادل لتلك القضية من أجل رفع المعاناة والظلم عن الشعب الفلسطيني. ومن الأسباب أيضا لتلك الحملات العدائية ضد المملكة هو موقف المملكة المتمثل في رفض المشاركة في ضرب العراق عام 2003 لأن غزو العراق جاء خارج إطار الشرعية الدولية واتفق عليه فقط قادة الولايات المتحدة وبريطانيا، كما أن ذلك الغزو لم يكن له أي مبرر ويتعارض تماما مع مبادئ الأمم المتحدة.
ورغم ذلك كله فإن المملكة حرصت وبذلت كل ما في وسعها لتجنب أثر تلك الحملات المعادية على المملكة وإفساد المخططات الصهيونية التي تسعى لإفساد العلاقة بين البلدين.
وبذل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جهودا متميزة من خلال لقائه بالرئيس جورج بوش ومن خلال اللقاءات المكثفة بين المسؤولين في البلدين؛ وذلك للعمل على تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة وتدعيمها على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في السياسات الداخلية وعدم قبول الضغوط من أي شكل. وأن تكون العلاقة على أساس المصالح المشتركة. بدأت العلاقات تتحسن تدريجيا خلال الفترات القليلة الماضية حيث بدأ الإقبال على البعثات يزداد. ويبدو أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تحسين الصورة التي أخذت عنها وعن ممارساتها العدائية تجاه الشعوب الإسلامية.
أعتقد أن تحسين العلاقات بين البلدين بحاجة إلى المزيد من الجهود وإلى إجراء حوار صريح واستراتيجي وتفعيله.
ولعل الحوار يشمل قضايا عديدة أخرى، في أولها من وجهة نظري معتقلو سجن جوانتناموا الذين هم من أبناء الشعب السعودي وأخذوا في غالبيتهم من أفغانستان وباكستان وربما غيرهما من البلدان وذلك بطرق الخديعة والاحتيال، وربما لم يرتكب أي منهم جرما في حق الأمريكيين، وحتى لو ارتكب فيطلب محاكمتهم وإعادتهم إلى وطنهم خاصة أنه لم يثبت عليهم أي تهمة. كما لا بد من بحث أسباب وفاة العديد منهم.
ويمكن أن يشمل الحوار من وجهة نظري الطلاب الذين اعتقلوا في أمريكا بتهم واهية وصدرت عليهم أحكام أو في سبيلها للصدور. هناك حاجة ملحة إلى أن يشمل الحوار وضع الآلاف من الطلبة السعوديين الذين سعى البلدان إلى إرسالهم للولايات المتحدة لإثبات أن الوضع لم يعد بذلك السوء تجاه المسلمين في الولايات المتحدة. لا نود أن نرى المضايقات في الجامعات وفي المجتمع الأمريكي ضد الطلبة السعوديين بشكل خاص والأقليات المسلمة بشكل عام. لا بد أن يكون هناك نوع من الحماية التي يمكن أن تكون في شكل قانون وما أكثر القوانين التي تصدر لحماية الولايات المتحدة، وحتى على دول في الخارج، ولعل آخرها القانون الذي صدر لمعاقبة الدول التي تتعاون مع إيران في الطاقة النووية، فلِمَ لا يكون هناك قانون يحمي الأقليات في داخل الولايات المتحدة؟. الحوار في نظري لا بد أن يشتمل على بحث السبل الأنجع لحل القضية الفلسطينية، ويوضح للمسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية أنه دون حل لهذه القضية فإنه لا نهاية لانتشار الإرهاب خاصة مع ازدياد القمع والتدمير والظلم من الكيان الصهيوني ضد شعب أعزل بمباركة من الولايات المتحدة.
يمكن أن يوضح للإدارة الأمريكية ويؤكد على أن هناك مشاعر وأحاسيس لأكثر من مليار ومائتي مليون مسلم تتأجج وتتألم نتيجة لمثل هذه الممارسات، وهذا من شأنه أن يعزز الكراهية تجاه السياسة الأمريكية. لا بد أن يتطرق الحوار من وجهة نظري إلى هذه الدماء الغزيرة التي تسيل على أرض العراق في ظل وجود الجيش الأمريكي، وحثّ الولايات المتحدة على الحوار مع القوى الوطنية والمقاومة للخروج من هذا المأزق. لم يحدث هذا القتل والجور والظلم في عهد صدام فلماذا يحدث الآن بشكل أبشع وأكثر فظاعة مما كان في عهد النظام العراقي السابق؟. هناك قضايا عديدة مثل الاحتلال الإسرائيلي للجولان والممارسات التي تتم في أفغانستان كلها يمكن طرحها ومناقشتها.
إن تفعيل الحوار الاستراتيجي بين المملكة والولايات المتحدة يحتاج إلى مصارحة وشفافية متناهية تعزيزاً للعلاقات بين البلدين، الذي دون شك سيدعم الثقة في إمكانية العمل على حل القضايا العربية التي كثرت والإسلامية بعد أن كانت قاصرة على القضية الفلسطينية.
إن الولايات المتحدة الأمريكية في نظري هي أكثر حاجة في الوقت الحاضر مما كانت عليه في السابق إلى علاقات أفضل مع المملكة العربية بشكل خاص ومع دول العالم العربي والإسلامي بشكل عام.. والسبب في ذلك يعود إلى أن الولايات المتحدة متورطة بشكل أو بآخر مع العالم الإسلامي وفقدت مصداقيتها من خلال تورطها في العراق وأفغانستان وملف القضية الفلسطينية ونواياها تجاه السودان.
وأعتقد أن الولايات المتحدة أدركت أن القوة العسكرية لم تعد تلك الوسيلة الناجحة لحل القضايا، وإنما الحوار هو الأسلم والأنجع، وتجربة فيتنام خير دليل على ذلك. كما أن ما يجري في العراق وأفغانستان يوضح ذلك بجلاء. لقد حان الوقت لتبدأ الدول العربية بحوار جاد وصريح مع القيادة الأمريكية من أجل حل هذه القضايا وعودة العلاقات معها إلى وضعها المتميز.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved