| |
طيور الهمّ عبد الله بن عبد العزيز المعيلي
|
|
{حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} دعاء كريم، ردده بحرقة وألم أحد الطائفين ببيت الله الحرام، ردده والدمع يسكب من عينيه، ردده وقد ضاقت الدنيا من حوله، تابعته بعد أن فرغ من الطواف، وبعد تردد وخشية من الصد بادرته بالسلام والتحية والسؤال لعلي أسهم في التخفيف من ألمه وحرقته، استجاب وكأنه يبحث عن منقذ، وبعد عرض معاناته، وطرح أحزانه، قلت له لقد ضيقت واسعاً، وسجنت نفسك في إطار حديدي فتأذيت وآذيت، فلم تعد ترى سوى ذاك الذي ظلمك وبغى عليك، وها أنت تبدو منكسراً حزيناً، مهموماً كئيباً، فرد متسائلاً: ماذا أعمل؟ قلت له لا تعمل شيئاً، فقط اعلم أنك في خير ونعيم، فمثلك يجب أن يسر ويهنأ، وظالمك الباغي عليك - إن كان في قلبه إيمان ويقين - هو الذي يعيش حزيناً مهموماً كئيباً منكسراً، عاد متسائلاً: كيف؟ أجبته: أنت في خير ونعيم؛ لأنك في أحد خيارين خيّرين، إن كان ما سلب منك حقاً وعدلاً، فاستغفر الله فلعله يكفر عنك ما حصل منك، وإن كان بغياً وظلماً، فأنت تأخذ من حسنات الذي بغى عليك وظلمك من ساعة ظلمه حتى تلاقيه عند الحكم العدل سبحانه وتعالى، فلماذا أنت حزين ومهموم؟ من يحصل له كل هذا الخير يجب أن يسر ويسعد ويهنأ، أما ظالمك فدعه في نشوته الزائفة، وسعادته الزائلة، فلو استحضر ما ينتظره عندما تقف أنت وإياه أمام مَنْ يعلم السرَّ وأخفى، لما أغمضت له عين ولما هدأ له بال، لكنه تناسى ذلك فدعه في غفلته، وانعم بما ينتظرك واعلم أنك الفائز وهو الخاسر طالما أنك على حق، اخرج من دائرة الحزن هذه، وكما ترى ما سلب منك لا يساوي ما ينتظرك من خير وفلاح، وما ظفر به ظالمك لا يساوي شيئاً أمام ما ينتظره نظير بغيه وظلمه. أخيراً ضع هذا المثل الصيني أمام عينيك، تذكره دائماً (لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك، لكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشش في رأسك). لقد ظفر هذا الظالم بالتحليق فوق رأسك، لكن لا تدعه يعشش في رأسك، فإن ظفر بذلك فهذا أشد وأنكى عليك؛ ما يزيده فرحاً وطرباً بما حقق.
|
|
|
| |
|