| |
واقع الأمة الإسلامية في عصر العولمة د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم
|
|
من حق المسلمين أن يتساءلوا في هذا الوقت بالذات لماذا تراجع من تراجع من علماء الدول الإسلامية ووجهائها عن إصدار قرار يرفض بالكامل وبشكل قاطع جميع مصادر الإرهاب والعنف السياسي خصوصاً فكر التطرف والتشدد والغلو؟ كما ومن حقهم أيضاً أن يتساءلوا كيف يمكن التصدي الجماعي لمصادر الضعف والتقهقر والعنف والتطرف والإرهاب؟ ومن ثم كيف يمكن القضاء عليها؟ قضية التطرف والتشدد والغلو التي دفعت بالأمة الإسلامية قروناً إلى الوراء لم تعد قضية مد وجزر سياسيين يمكن من خلالهما التحرك ولو بقدر ضئيل من الحركة الدافعة لتحقيق الأهداف والمصالح الإسلامية على المستويين الفردي للدول ومن ثم الجماعي للأمة. فقضية الاختناق لشعوب الأمة الإسلامية أصبحت قضية مصيرية ترتبط بمصير الأمة الإسلامية بكاملها بل وتهدد بقاءها ووجودها بين الأمم. والأدهى من ذلك أن عمليات الإرهاب والتطرف والعنف السياسي ساهمت في تهديد أمن واستقرار الأمة الإسلامية خصوصاً بعد أن توصلت الدول الكبرى عامة والغربية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر إلى نتيجة حتمية نابعة من قناعتها بأن الإسلام يعد مصدراً رئيسياً من مصادر العنف الإنساني تحديداً من قِبل من شوهوا تعاليم الإسلام أو تلقوه من خلال قنوات مارقة. بل تنامت خطورة هذه النظرة بعد أن ألمحت الدول الكبرى إلى أن دول العالم الإسلامي ليست في وضع ولا مكانة يمكنها من تحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسهم في تنمية وتطوير وتقدم شعوبها التي من شأنها القضاء على ثقافة العنف وبيئته. لهذا وكما تؤكد تلك النظرة فإن قيادة حركة التنمية والتطوير في العالم الإسلامي لابد أن تدار من الخارج بتوجيهات وممارسات وضغوط غربية مباشرة (بل وبأي وسيلة كانت). الحقيقة تؤكد أولاً أن الدول الإسلامية تعتبر الطرف الوحيد الذي يجب أن يلام بالدرجة الأولى قبل أي أطرافٍ أخرى على حركة الجمود الفكري والسياسي الإسلامي التي عادة ما تقود إلى حركة خلفية من التخلف الفكري والسياسي الإسلامي التي دفعت بالأمة الإسلامية قروناً إلى الوراء. السبب الرئيس أن آلية صناعة القرارات السياسية الإسلامية على مستوى المؤسسات السياسية الإسلامية (كمنظمة المؤتمر الإسلامي) كانت وما زالت تمارس ذات الحركة في ذات الموقع (مكانك راوح) وتواجه باستمرار موانع ذاتية عاتية، كما تعاني من معوقات داخلية مزمنة تُدار مع الأسف بعقليات متشددة أو متطرفة.... ناهيك عن تبعية بعض من دولها للدول الكبرى، الغربية على وجه التحديد. وجاء التعثر السياسي الإسلامي في وقت تؤكد فيه الأحداث الإقليمية والدولية الراهنة خصوصاً على صعيد بعض الدول العربية أنها ما زالت تمعن في إضعاف مناعة الجسد السياسي الإسلامي وتحديداً العربي بل وتعمل على تفكيكه من الداخل... فها هي دولة قطر على سبيل المثال تمعن في سياسات المناوئة والتمرد على كل ما هو إجماع أو توافق عربي. الخارج يراهن كالعادة على الشرذمة السياسية الإسلامية وعلى التمزق الإسلامي الذي تتضح معالمه بشكلٍ واضح في تنامي حدة الاختلاف على الغايات والخلاف عليها بل وعلى الوسائل، الأمر الذي يكرر مرة أخرى غياب الموقف الإسلامي الموحد تجاه التحديات والمخاطر الخارجية التي أضرت بمصالح الأمة الإسلامية منذ أن اختلفوا على إدارة الصراع مع المغول وكيفية مواجهتهم وحتى اليوم. الاختلاف في متغير المصالح الإسلامية الخارجية كان يتحرك في الماضي بفعل ضغوط المصالح والأطماع الذاتية خصوصاً حركة الصراع على السلطة، وتفاقمت حدة المخاطر بعد أن نجح المتغير الخارجي في اختراق أجزاء كبيرة من الجسد الإسلامي (وخصوصاً العربي) ليصعد من محاور الخلاف والصراع الإسلامي إلى حد التناقض والتباعد والتباغض. تحدث هذه التطورات الخطيرة على الرغم من إدراك جميع دول وشعوب الأمة الإسلامية أن مكانة ومستقبل أجيالها مرهون بالكامل بعلاج أمراضها الحالية، لذلك يجب أن تحل مشاعر التعايش وتقبل الآخر محل النفي والرفض والاعتراض في ذات الوقت الذي يجب أن تنمي وتقوي فيه مشاعر الرفض الإسلامي القاطع لأي تدخلات وتلاعبات خارجية في شؤون الأمة الإسلامية. السؤال المصيري قبل الأخير: متى يعي المسلمون كلهم دروس التاريخ جيداً؟ ومتى يستفيدون منها لمواجهة حقائق الحاضر المخجلة؟ هذا السؤال يقود إلى السؤال المنطقي النهائي والأخير: متى يصل المسلمون إلى مستوى النضج السياسي الواعي بمغبات الأمور، النضج الذي يمكنهم من إدراك مخاطر الضعف والهوان والتبعية على مستقبل الجميع دون استثناء؟. العالم الإسلامي اليوم يقف على فوهة بركان ثائر تذكرنا بمقولة شكسبير الغربية المشهورة (نكون أو لا نكون هذا هو السؤال) نعم هذا هو السؤال الذي يجب أن يعيه جيداً كل من آمن بالله وأن محمداً رسول الله دون أي تصنيفات مذهبية وطائفية تسببت في ضعف ومن ثم تفكك الأمة الإسلامية.
|
|
|
| |
|