| |
بين قولين الملسون عبد الحفيظ الشمري
|
|
(الملسون) أو الحكاء السليط، هو النافذ للأسف في مجتمعنا، والمسيطر دائماً على فضاء الحديث في أي حضور اجتماعي عام، أو تجمع أسري خاص، فهو الذي يجلد الناس بسوط لسانه المؤذي ، ليتدخل في شؤون من حوله بشكل مؤلم، فكلما راقت له فكرة ما، طبل وزمر لها، وتجرد بلسان لا يبارى من أجل أن تكون حكايته فوق الحكايات جميعها. أما إن كان الأمر لا يروقه فالويل والثبور لمن حوله، لأنه بلا أدنى مواربة سيخرج ساطوره الحاد ليمزق رؤية كل من يعارضه بأوصاف لا تحتمل، لينقسم من حوله إلى ثلاث فئات، فئة تجادله بمودة وتكون له الغلبة عادة، ليست بالإقناع إنما باللجاجة وسوء الأدب، وفئة تتداخل معه بذات أسلوبه، ليصل الجدل أحياناً إلى العنف الذي لا بد منه، إذ لا يوقف الملسون أو الحكاء السليط إلا الرد القوي أملاً في ردعه، أما الفئة الثالثة فإنها تلوذ بالصمت والمهادنة حتى يبتلع هذا السليط لسانه، ويقنع ذاته بأنه هو الذي على حق دائماً. وأخطر ما في الأمر وأقساه حينما يخوض هذا (الملسون) في تفاصيل أمور حياتية خاصة، لنراه وقد عبث بكل رأي، وناقر بلسان (زفر) كل من حوله دون أن يضع في اعتباره أدبيات الحوار، وأسس التعامل مع الآخرين من منطلق حرية الرأي. فلا حل لهذه المعضلة مع (الملسون) أو اللجوج إلا أن تقاومه بنفس سلاحه أو أن تستعين بالصبر، وتتذكر مواقف الإمام الشافعي - رحمه الله - من هؤلاء حينما وضعه مع من هم على شاكلته في خانة السفهاء الذين يجب علينا تجاهلهم، ليموتوا كمداً، وغيظاً في سعائر قبحياتهم.
|
|
|
| |
|