| |
نقاط فوق الحروف تحيّة إلى رجال الهيئة أيمن بن أحمد ذو الغنى
|
|
أربعُ سنوات غبرت على إقامتي في هذه البلاد الطيبة (المملكة العربية السعودية)، لم يتسن لي فيها تعرّفُ أحد من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الوقوف من قرب على ما تضطلع به الهيئة من أعمال وما تتولاه من أعباء. وكان يتسربُ إلى مسمعي - بين حين وآخر - بعضُ الغمز على أفراد الهيئة، والتعرضُ بشيء من أفعالهم، وما كنتُ أُعير تلك الأقوال كثير اهتمام، لما كنتُ استشعر في لهجة قائليها من حيد عن الإنصاف، وجنوح عن العدل إلى المبالغة والتجني. ثم قدّر الله سبحانه عليّ - من أيام قليلة - أن أتعرض لأمر اضطررتُ معه الى الالتجاء إلى أحد مراكز الهيئة قريب من مسكني، وهناك أبصرتُ بمقلتي، وسمعت بأذني، ما يشفي صدور المؤمنين، ويُبهج أفئدة الصالحين. لقد لقيني ثم إخوة سيماهم البشر والبشاشة، تفيض وجوههم بألق البر والدّماثة، أمارت الإخلاص على مُحياهم بادية، ونسماتُ، الصدق من أفواهم آتية، امتلأت نفوسهم بالغيرة على دين الله وحرماته أن تنتهك، وندبوا أنفسهم للعمل الجادّ فيما يُصلح الأمة ويحافظ على كيانها. كان الجميع يبدي الاهتمام والحرص على المساعدة، ولا يتوانى في مدّ يد العون، محتسبين الأجر عند الله، لا يرجون منّي - ولا من أحد من الخلق - جزاء ولا شكوراً، غايتهم إنكار المنكر والتحذير منه، ونشرُ المعروف والترغيب فيه. فيا سبحان الله! شتّان ما بين هذه الصورة المشرقة المتألقة التي وقفتُ عليها بنفسي، وبين ما يُطلقه بعض المغرضين من ألفاظ النبز والتهكم. ولا يعني كلامي أن ليس فيهم غميزة، أو أنهم مبرؤون من كل عيب ونقيصة، بل هم بشر من جملة البشر، مقدور عليهم الضعف والزلل، ولكن من حقهم علينا إذا ما أخطأوا: أن ننصح لهم، وأن نبيّن لهم أخطاءهم بالتي هي أحسن، لا أن نتخذها ذريعة للتشهير بهم، ونحمّل الهيئة كلها جريرة أفراد منها.وحسب هؤلاء الشباب أنهم نذروا أنفسهم لحمل أمانة تنوء بثقلها الجبال الراسيات، إنها أمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه الفريضة العظيمة العظيمة التي أمرنا الله بها، وحذرنا من مغبة التقصير في أدائها، بلة تضييعها.فألف تحية لشباب الهيئة ورجالها، وجزاهم الله خيراً على جهودهم الطيبة الصادقة، ونسأل الله تعالى أن يسدّد خطاهم، وينجح قصدهم، في نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة، وأن يتقبل منهم أقوالهم وأعمالهم خالصة لوجهه الكريم. وهنيئاً لهذه البلاد الطيبة.. هنيئاً لها وجود هيئة تأمرُ بالمعروف وتنهي عن المنكر على أراضيها، فإن وجودها لدليل بيّن على أصالة الخير فيها، ولتفخر - وحقّ لها أن تفخر - بهؤلاء الرجال والشباب القدوة. ولا يزال في الأمة خيرٌ ما دام فيها أمثالهم، ثبتهم الله على الحق، وأيدهم بتوفيقه، وكفّ ألسنة المنافقين عنهم، وأكثر في الأمّة أمثالهم.
(*) عضو رابطة الأدب الإسلامي
|
|
|
| |
|