| |
فقيد الأعمال الخيرية عبدالعزيز العبدالله التويجري
|
|
ليس على الإنسان أقسى من أن يتفاجأ بوفاة عزيز لديه.. أو قريب منه.. أو كريم في مجتمعه.. أو صاحب آثار حميدة.. وسمعة طيبة.. مواقف إنسانية تذكر له فتشكر.. وتُسجل في أعماله على صفحات من نور. وهذا الموقف وللأسف الشديد.. حصل معي خلال الإجازة الصيفية.. فقد كنت في رحلة مع صغار أولادي.. إلى العديد من ربوع بلادي الغالية.. متفرغاً تماماً لمتطلبات الرحلة.. ومنقطعاً كل الانقطاع عما يجري حولي وفي مجتمعي.. وعما يجري حول العالم. والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة؛ إذ سئمت من كثرة الغثيان والأوجاع والآلام التي تبثها القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المختلفة.. المقروء منها والمسموع.. وحاولت في هذه الرحلة.. الاستمتاع بالهواء الطلق.. والنسيم العليل.. والمناظر الطبيعية الخلابة.. بعيداً كل البُعد عن المنغصات والمؤثرات النفسية التي ترفع درجات السكر.. والضغوط النفسية الكثيرة. وما أن عدت إلى عشي.. في قاعدتي السكنية بالرياض.. حتى فوجئت بكثير من الأخبار.. السار منها والضار.. المبكي منها والمضحك.. وكان من أسوأ الأخبار التي تلقيتها بعد العودة.. مع الإيمان بقضاء الله وقدره.. هو رحيل شيخ العمارية.. ورجل الأعمال الخيرية الشيخ الفاضل عبدالله بن سعود بن طالب وانتقاله من دار الفناء إلى دار البقاء.. جوار ربه في جنات الخلد.. برحمة من الله ومغفرته ومرضاته.. بعد معاناة طويلة مع المرض.. فأسفت كثيراً لهذا النبأ الأليم المحزن.. أسفت لأنني كنت كما قلت خارج الرياض.. ومنصرفا كل الانصراف عن جميع وسائل الإعلام بما فيها الصحافة.. التي هي جزء مني.. وأنا جزء منها.. لذا لم يسعدني الحظ بالمشاركة في الصلاة على الفقيد العزيز.. وتشييع جنازته.. وتقديم العزاء لأسرته الكريمة.. وأولاده الأعزاء.. وفي مقدمتهم الصديق العزيز الوفي.. الأستاذ سعود بن عبدالله بن طالب وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. كان هذا الموقف والله مؤلماً ومحزناً كل الألم والحزن.. وليس لدي ما أقوله إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} وغفر الله للفقيد الغالي، وأسكنه فسيح جناته.. وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. وعوض الله العمارية خيراً بفقيدها.. فقيد الوطنية والأعمال الخيرية.. فقد كان الشيخ عبدالله (رحمه الله رحمة واسعة).. من الوجهاء والأعيان.. الذين خدموا دينهم.. ومليكهم، ووطنهم بكل صدق وولاء وإخلاص.. حيث كان يتمتع بنزعة خيرية، وإنسانية، ووطنية، وإصلاح بين الناس.. فتحت له قلوبهم، ومحبتهم، واحترامهم الكبير، وأنزلته في منازل الذين يذكرون فيشكرون، ويحمدون على ما قدموا من خدمات جليلة لوطنهم ومواطنيهم. ولعلي في تلك المناسبة، ولتوثيق صفات النبل والخير والعطاء.. في سجل هذا الفقيد (رحمه الله) أسجل له وبكل فخر واعتزاز.. مبادرته الوطنية.. قبل عشرين عاماً.. وقبل أن تمتد الخدمات العامة إلى جميع القرى والأرياف.. كما هي اليوم ولله الحمد.. أذكر أنه قدم مشروعاً لسقيا المواطنين في العمارية.. على نفقته الخاصة من المياه العذبة الصالحة للشرب.. وما أن علم رائد العمل الخيري الأول.. صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض (حفظه الله) بالخبر حتى بعث إليه بخطاب تقدير وشكر (مرفق) قال فيه (نشكركم على ما قمتم به من فعل الخير بهذه المشاركة الطيبة، نتمنى لكم دوام التوفيق) ثم توالت بعد ذلك مبادراته الخيرية.. ومساهماته الوطنية.. في الكثير من المجالات الخاصة والعامة.. التي لا تزال تذكر فتشكر للفقيد الراحل.. ومنها على سبيل المثال لا الحصر (إنشاء مركز العمارية للرعاية الصحية) الذي تم تشييده على نفقته الخاصة.. بأعلى المواصفات على مساحة تبلغ أكثر من ألفي متر مربع.. وبتكلفة إجمالية تبلغ أكثر من ثلاثة ملايين ريال.. حتى تم تقديمه لوزارة الصحة.. جاهزاً للعمل والتشغيل.. وفق مخططات ومواصفات الوزارة.. وفقاً لما جاء في هذه الصحيفة الغراء (الجزيرة) يوم السبت 21-6-1425هـ وقال عنه معالي وزير الصحة في حينه (وما تبرع الشيخ عبدالله بن سعود بن طالب وأبنائه لإنشاء مركز صحي العمارية إلا مساهمة فعالة.. تصب في مشاركة المجتمع وعمل فاضل أسأل الله أن يكتب لصاحبه الأجر والثواب.. وأن يحذو رجال الأعمال الموسرون حذوه)، كما أشاد مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة الرياض بهذا العمل الكبير، والهدية القيمة والنافعة للوطن والمواطنين.. من تلك الأسرة المباركة الكريمة، والشجرة الطيبة في العمارية (آل طالب)، وقال: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من الشيخ عبدالله بن سعود بن طالب تبرعه بهذا المركز على نفقته الخاصة، وأن يجعله في موازين حسناته. هذه النماذج الجميلة والرائعة.. من الأعمال الخيرية.. التي متع بها الوطن والمواطنين.. والأولاد الصالحين الأوفياء المخلصين لدينهم ومليكهم ووطنهم.. الذين هيأهم بالعلم والإخلاص، والولاء، والثقة في النفس، لتحمل المسؤوليات في المراكز القيادية في الدولة، لخدمة المليك والوطن.. والدين والدولة.. وفي مقدمتهم سعادة الأستاذ سعود بن عبدالله بن طالب وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.. لا شك أنها صفحات خالدة من الأعمال الصالحات الباقيات.. التي نرجو الله سبحانه وتعالى أن يتقبلها وأن يجعلها في موازين أعماله الصالحة يوم البعث والنشور.. كما جاء في الحديث الشريف عن رسول الله محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلوات والتسليم (إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) وهذا هو إرث الفقيد (رحمه الله) رحمة واسعة.. وأسكنه فسيح جناته، وأنزله منازل الأبرار مع الصديقين والشهداء والصالحين في جنات النعيم، يا رب العالمين. ومعذرة (آل طالب) فقد كان الطريق مغلقا. والحمد لله رب العالمين.
كاتب صحفي، رئيس تحرير سابق
|
|
|
| |
|