لست مسؤولاً عن ذلك (الانتحار لذاكرته) لأنه يقف أمام قضبان الحقيقة التي لا يريد أن تنطلق من شفاهة (كاملة ذائبة) في خريف العمر الراحل! لم يعد صوت ذلك الكرسي الخشبي مزعجاً له!! بل على العكس أصبح يسليه لكي لا يقع على صوت ركبتيه المنحنية المقوسة الصارخة بسؤال يضني القلب. هل بقي (متسع من العمر)؟ هكذا هو يفهم تلك اللغة الجسدية الصادرة من أرجل لم تعد تساعده على حمل (جسد نحيل) غرست في أضلاعه سهام متمردة
...>>>...
الأديب الكاتب محمود محمد حسن يطلّ على القارئ العربي بإضمامة من أعمال قصصية جديدة وسمها بعنوان (الدمى والشيطان)، لكنها الإطلالة التي تترك أثراً لا يمكن لنا معه إلا أن نعيد تفاصيلها؛ تذوقاً لما جاءت به من جماليات، ولما شحنتنا به من صور الإدهاش، حينما برع في تقمص أدوار الحكاية كاملة، لنراه وقد أبدع في روايته، ومثل أمام الأحداث بوصفه بطلاً صادقاً له ما له وعليه ما عليه، بل نراه قد صار إلى ضمير يحرك
...>>>...
يستدير في غرفته، يخرج ثم يدخل، يلج الصالة يضيء النور ثم يجلس على أريكة كبيرة. يبحث عن شيء ما في جيبه يتحسسه ثم يجده ويمر بيده على معطفه حيث يدخلها في جيوبه يبحث عن ولاعة ثم يرفع يديه إلى فمه ويشعل السيجار، وتبدأ سحابات من الدخان تدور حول رأسه وينفث الدخان وعبارات التأفف والسأم معها. ينهض وبيده سيجارته، يتمطى، يمشي قليلاً تستوقفه آنية على إحدى زوايا الصالة تقع عيناه عليها، يلمسها بيديه ثم يرسل آهة
...>>>...
ها أنذا بكل حضوري وانفعالاتي وسنوات العمر، أنتظر مركب الهجرة على شاطئ السفر. أحمل حقائب ذكرياتي وأسطر حباً كتبته مرة على وردة ذبلت، وياسمينة تقصفت أوراقها من الجفاف. أنتظر مركب الهجرة على شاطئ السفر مع غرباء حملهم اليأس على الرحيل وكتبت على جبينهم الغربة الدائمة: أنتظر.. وأنتظر مركباً يحمل عائدين إلى الأرض التي رحلوا عنها منذ سنين يحملون معهم سلالاً من الآمال الكبيرة، والتفاؤل والأحلام والحب
...>>>...