لست أول ممن كتب ولن أكون الأخير، فأمثال الدكتور عبدالعزيز السبيل سيُكتب عنهم الكثير وسيُقال فيهم ما لم يقْل في غيرهم، ووجوده خلال الأربعة أعوام (وهي فترة قصيرة جداً نسبة لغيره)على كرسي وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية غيّر الكثير من الروتين الذي كانت عليه أمورنا التشكيلية على الأقل والثقافية على العموم.
لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي اضطلع به لقيام جمعيات (الفنون التشكيلية والمسرح والتصوير الضوئي والخط العربي وأخيراً الكاريكاتير)، وهي جمعيات طالما طالبنا بها، وأخص التشكيل لأني معها أستعيد أكثر من عشرين عاماً كنت أكتب خلالها مطالبا بجمعية أو اتحاد أو رابطة أو أي من التسميات التي تخصص العمل التشكيلي في المملكة، وتستقل به إلى حيث أهله والمختصين به.
قبل أكثر من ثلاثة أعوام كانت انطلاقة جمعية الفنون التشكيلية كفكرة والإعداد والتوجيه لها ثم البدء في الترتيبات الخاصة لقيامها وفق ضوابط الانتخاب التي تعرفنا عليها لأول مرة في حياتنا الثقافية ومن خلال الدكتور السبيل.
لم أكتب هنا تعداداً لما قدمه هذا الرجل، إلا أن مثله لا يمكن إغفال ما قام به وبثه في الروح الثقافية في بلادنا، فمن الأندية الأدبية وما شهدته من تغييرات في مجالس إداراتها، إلى الجمعيات الجديدة والعمل لتخصيص العمل الثقافي ثم الطروحات المتعددة التي أطلقها وعمل على أن تكون إحدى التقاليد في ساحتنا الثقافية، من ذلك أنه سعى إلى إيجاد علاقة أو تأكيدها من خلال دعوة المفكرين والأدباء لافتتاح المعارض التشكيلية التي ترعاها وتنظمها وزارة الثقافة والإعلام، وكذلك الدعم المادي والمعنوي لعدد من الأنشطة التشكيلية التي تمثل بلادنا خارجياً وأيضاً متابعته الدائمة وحرصه على دعم المناشط الفنية والأدبية شخصياً وافتتاحه عدداً منها، ومعرض الكتاب الذي شهد تحولاً إيجابياً في الأعوام الأخيرة، كذلك تيسير العمل الثقافي بما يوصله إلى أكبر شريحة من الناس ودعمه الدائم للأنشطة الخاصة مثال اللقاءات التشكيلية التي يكون للوزارة علاقة غير مباشرة بها، مثالها الملتقى الذي نظمه الفنان سعد العبيد في مرسمه بالرياض، كما وهناك الحضور الدائم في مناسبات ثقافية مختلفة وفي معظم مدن المملكة.
والحقيقة إن مشروع الجمعيات المتخصصة(التشكيلية والمسرح والتصوير الضوئي والخط العربي والكاريكاتير) مشروع كبير وضخم وهو معلّق الآن في الوسط فهو بدأ من حيث النظام العام له والانتخابات إحدى أهم الركائز التي ينبني عليها، لكن أموراً أخرى لم تزل في الانتظار ليأخذ المشروع شكله ويقوم بالدور الذي أنشئ من أجله وتحقيق الأهداف المرجوة وأعني الدعم المادي الذي يكفل للعمل استمراره واستقلاله وهو الأمر الأهم لإنجاح الفكرة فالميزانيات الخاصة هي العمود الفقري الذي من خلاله يمكن الاستمرار والمواصلة وفق ضوابط العمل، ولاشك أن مرور أعوام على قيام الجمعيات وما تلقاه من دعم محدود يسمى (إعانة) لا يكفي لتقوم هذه الجمعيات بدورها المطلوب، وهنا أجدها فرصة للقول بأهمية استكمال مشروع طالبنا به منذ قرابة الربع قرن، وقد تحقق بفضل المخلصين والمتفهمين متطلبات الساحة الثقافية بشكل عام، ويحتاج الآن إلى الدعم المادي الذي يكفل سيره واستمراره، كما وهي فرصة للقول بأهمية أن توكل المهام الفنية على مستوى الداخل والخارج إلى الجمعيات المتخصصة فالمعارض الفنية والمناسبات التي تعد لها الوزارة تتجه إلى أفراد وجهات غير الجمعيات التي أنشئت من أجل تخصيص العمل الثقافي والأنشطة التشكيلية الخارجية مرّت بمتغيرات تتعلق بالمشرفين عليها مباشرة ومع تقديرنا لجهود الجميع إلا أن الجمعيات كجهات هي المعنية وفق لائحتها بذلك وبالتالي سيترتب عليه الدعم المادي الذي أراه من حق الجمعيات نفسها وبالتنسيق مع وكالة الوزارة للشؤون الثقافية أو وكالة الوزارة للعلاقات الدولية .
ربما ابتعدت عن ما هدفت له في بداية كتابتي عن الدكتور عبدالعزيز السبيل لكن الأمر أخذني إلى منطقة أراها في (المستقبل) وأرى أن نضعها في الاعتبار خلال الفترة القادمة وما بعد الدكتور السبيل الذي كان داعماً حقيقياً ومباشراً تجاه ذلك العمل الثقافي(التشكيلي) الذي أتينا له بكثير من الحماس والرغبة في العمل ولخدمة الحركة التشكيلية في المملكة وخدمة المنتسبين لها من فنانين وفنانات ولم نزل نحرص على ذلك.
تحية عرفان وتقدير ل(عبدالعزيز السبيل) هذا الرجل الذي حفر اسمه وفعله في قلوبنا وفي ثقافتنا وساحتنا التشكيلية.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام