ما هو إحساسك وأنت تشاهد القصبي والسدحان، أو المالكي وعسيري يثرثران لمدة خمس دقائق يسترجلان نصا مستعبطا يخفِّفان دمهما بعيدا عن النص الدرامي بهذه الثرثرة المجة، إذا كنت تشعر بالملل من هذا المشهد، فأنا أشعر إضافة إلى ذلك بالطفش والزهق والخجل من نفسي. هذه الكوميديا كوميديا الثرثرة المسترجلة الخارجة عن النص في الدراما السعودية، مع ما يسمى في السينما المصرية الشبابية كوميديا الإفيه، وهي أن يُعطَى النص الدرامي بعد كتابة مؤلفِه قصةَ الفيلم ووضع السيناريو والحوار لها لشخصٍ آخر متخصص في صنع الإفيهات، فيحشر هذا الأخير الإفيهات التي يصنعها في النص الجاهز مسبقا.
نوعان من الكوميديا خارج السياق الدرامي للعمل، الأول تحملتُه عندما كنت بثقافة وفكر محدودين بحكم صغر السن، الثاني تقبلتُه في بدايات سينما الشباب، ومع التكرير والاصطناع والتكلف صار سمجًا. فجاء مسلسل 37 درجة الذي يعتمد على كوميديا الموقف؛ وهذه تتطلب في تأليفها إلى ذكاء وسرعة بديهة، وفي أدائها إلى تركيز ودقة؛ فمؤلفها لا بد له من خبرة درامية، ومؤديها ينبغي ان يكون محترفا في التمثيل. والأهم الموقف القائم عليه الكوميديا يجب أن يُستنبط من صميم السياق الدرامي، وهذا المسلسل مع أن جميع عناصره الدرامية عناصر شابة جديدة، فقد أجادت الصناعة كما لو كان مسلسلا إنجليزيا - الإنجليزي أكثر إجادة لهذا النوع من الأمريكان لأن المواقف الأمريكية أحيانا تكون مفتعلة ومبالغا فيها - بسبب موهبة مؤلفيْه وأبطاله وإتقان مخرجه سمير عارف مع جدة هذا النوع على الدراما العربية.
المشاهد القصيرة التي اتسم بها المسلسل، ميزة من إبداع المخرج -فمشاهد كوميديا الموقف الغربية قد تأتي طويلة - والخفة في أداء الممثلين الشباب خاضعة لثقافتهم الفنية، والأفكار مع جماعيتها؛ تم السيطرة عليها وتم حبكها جيدا. منذ زمن لم أحرص على متابعة مسلسل إلى درجة تكليف من في البيت بتسجيل حلقاته عند الفوت في أشرطة الفيديو إلا «37درجة»، ومسلسل «يوسف الصديق» في قناة الكوثر.
الرياض