اللعبة المسرحية في إطارها العام تقوم على استثمار ما يطرأ على الحياة الاجتماعية من متغيرات تتصل بقضايا المجتمع مما يوفر رابطاً وجدانياً وعلاقة وثيقة بين المبدع المسرحي ومجتمعه، إذ بمقتضى هذه العلاقة بين الطرفين يحيا الفن المسرحي في نفوس المتلقين وضمائرهم، ولعل ذلك الرابط الوجداني هو الذي يميز المسرح عن غيره خاصة في مجال التجريب الذي بات يمثل إشكالية في المسرح المحلي والعربي بعامة في ظل غياب الجمهور وانقطاع الحالة التواصلية، ودخول الفعل المسرحي التجريبي حالة من الترميز المغرق، والغموض المفتعل مما يمثل بداية خاطئة في التعامل مع البدايات، فالكاتب المسرحي السوري سعد الله ونّوس يقول: (بدأنا نبحث عن المسرح العربي بعد أن قيدنا أنفسنا بمسرح واحد عاني سكرات الموت) إن خلطاً جلياً قد حدث بين التجربة والتجريبية بوصفهما مفهومين علميين، فالمحاولة الحاصلة عندنا الآن لم تتعد حدود التجربة وحيزها العام الذي يمارسه أي مبدع دون أن يرقى إلى نطاق التجريب المتخم بالأدوات والوسائل الحديثة الرامية إلى أهداف من شأنها أن ترسَخ وتستقرّ، إذن فالعملية الإبداعية المسرحية ما تزال على - على الرّغم مما أنجزته - قابعة في ميدان التجربة، وهذا لا يعد عيباً إذ إن التجربة شيء مسلّم به في مجال الإبداع والفن وهي شرط أساس من شروط العملية الإبداعية التي تولّد قلق الفنان على حد تعبير الناقد عز الدين إسماعيل.
إننا - ولا شك - في حاجة إلى أن يتواطأ ثلاثة من البشر ليكتمل الفعل المسرحي، ويحقق المتعة المنشودة، والحضور المرتقب، وهؤلاء الثلاثة ما لم تكتنفهم وحدة العمل الفكرية فإن النتاج المسرحي سيذهب بعيداً عما يراد منه. أما الثلاثة المتواطئون فهم: الكاتب المسرحي، والمؤدي الماهر (والمخرج مشتمَل هنا)، والجمهور.
هل قلتُ الجهور؟
نعم فهو شرط في اكتساب العمل الفني صفة الإبداع، مبرراً وجوده، وحاكماً على توهجه.
- كاتب مسرحي